٦٤، ٦٦، ٣١٠)، يقول:"إن خديجة قد جَفَّ رِيقُها وداخت السَّبْعَ دُوخات، حتى وافق إمامُ الأوَّلين والآخِرِين على خِطبتها، وظَلَّت تُحاصرُه إلى أن سَلَّم لها، ورَفَع الرايةَ البيضاءَ بعدَه لمصلحةٍ منه شديدة".
° ثم نراه في موضعٍ آخَرَ يُعدِّدُ الفوارقَ التي تُميِّزُ خديجةَ على محمدٍ في الحَسَبِ والمالِ والخبرةِ والثقافة، ثم يَختمُ قائلاً:"إنَّ محمدًا لم يكن يُصدِّقُ أن خديجةَ ترضَى بالزواج منه"(ص ٢٨٩).
فبأيِّ الكلامَين نأخذ؟ حسبُنا اللهُ ونعم الوكيل.
ويَمضي المؤلِّفُ مع مخازِي الكتابِ الأخرى متسائلاً عن فِكرته الأساسية: إذا كانت خديجةُ تؤمنُ بأن هناك نبيًّا قادمًا، فكيف يَخطُرُ في ذهنِها -مجردَ خُطورٍ- أن تقومَ هي بتعليمِه وتدريبِه وتثقيفِه وتوجيهِه، أو حَسْبَ لُغتِه "صَنْفَرَتِه وقَلْوَظَتِه وتلميعِه"؟ كيف يا تُرى لبَشَرٍ عاديٍّ أن يصنعَ نبيًّا؟ وحتى لو جارَينْاه، فهل تَستغرقُ هذه العمليةُ خمسةَ عشَرَ عامًا؟.
إن المقصودَ بالتثقيف هنا هو قراءةُ التوراةِ والإنجيل، وشرحُهما له، فما الذي فيهما مما يمكنُ أن يستغرقَ شرحُه وفَهمُه خمسَةَ عَشَر عامًا؟ ولماذا أرادت خديجةُ أصلاً أن تصنعَ نبيًّا ما دام الأمرُ كلُّه تدبيرًا بشريًّا؟ وأيُّ تدبير؟ تدبيرٌ هو إلى التآمُرِ أقربُ منه إلى استقامةِ الخُلُقِ والضمير.
° ويقول الكتاب: إن مكةَ بها أبرشية، وتَعُجُّ بالنصارى، ولم يُورِدْ أيَّ مُصدرٍ لهذا الكلام، وَيردُّ عليه المؤلِّفُ بالقول: إنَّ دائرةَ المعارِفِ الإِسلاميةِ لم تَذكرْ أن مكةَ كان بها كنيسة، كما أن المبشِّرَ "بلابنس" يقول في كتابه: (Islam Croyances) " إن النصارى المكيِّين كانوا حِفنةً ضئيلةً".