للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفصْلِها، وأُكذوبةٌ خبيثةٌ في جُذورها وأغَصانِها، وفِرْيَةٌ متزندِقَةٌ اختَرَقَها غِرْنَوقٌ أَبلهُ جَهولٌ، أَو شيخٌ حاقدٌ على الإِسلامِ زِنديقٌ، أَو منافِقٌ فاجرٌ عِربيدٌ، أَلقى بها إليهِ شيطانٌ عابِثٌ مَريدٌ، يتلَعَّبُ بعُقولِ البُلْهِ المُغَفَّلينَ، الذين يَتَكَثَّرون تَعالُمًا، ويَتَلَقَّفونَ كُلَّ شوهاءَ فَجُورٍ، فجَرَتْ إلى مَجتمعاتِ أَعداءِ الإِسلام، مِن كُلِّ يهوديٍّ خبيثٍ، وكُلِّ مُلحدٍ عَتِيٍّ.

وسَرَتْ منهُم إلى كُلِّ مُسلمٍ أَبْلَهَ مُغَرَّرٍ، وكُلِّ متَعالِمٍ مُغَفَّلٍ، وكُلِّ جَدَليٍّ مَتفَيْهقٍ، وكُلِّ مغرورٍ مخدوعٍ بكواذبِ المدحِ والثَّناءِ، وكُلِّ حَفَّاظٍ صمَّامٍ، وكُلِّ مُلَبَّسٍ عليه يزعُمُ أَنه مجتهدٌ، وكُلِّ خابطٍ هنا وهناك يتكذَّب، وكُلِّ حاطبٍ في ظُلماتِ الجهلِ، يتلقَّفُ العلمَ مِن وراءِ طَنينِ الأسماءِ؛ دونَ تمحيصِ ناقدٍ أَو بحثِ مُسَدَّدٍ، وكُلِّ مُدَّعٍ دَعِيٍّ، وكُلِّ مُتَسَقِّطٍ يزعُمُ أَنَّهُ مجدِّدٌ، وكُلِّ ملتقطٍ يزعُمُ أَنَّهُ مُتَنَقٍّ، وكُلِّ مَزْهُوٍّ بالغُرورِ يزعُمُ أَنَّه وحيدُ دهرِهِ، وفريدُ عصرهِ، بل واحدُ أُمَّتِه، لو قيلَ له: "إنَّ الشيطانَ يُلَبِّسُ عليك في عِلْمِك، فيُوهِمُك ما ليس بحقٍّ أَنه حقٌّ"؛ لانتفخَتْ أَوداجُهُ غَضَبًا لنفسِه، ولكنَّه يُقْبِلُ ويدافعُ دفاعَ المستميتِ عن قِصَّةٍ مُزَوَّرةٍ تَهْدِمُ أَصلَ أُصولِ الإِسلامِ، وتَخرِقُ سياجَ النُّبُوَّةِ، وتُبطِلُ عِصمةَ الأنبياءِ؛ اعتمادًا على رَمْرَمَةٍ مِن مراسيلَ واهيةٍ.

فباضَتْ هذه الأكذوبةُ البَلْهاءُ بينَ أَحضانِ هؤلاءِ، وفَرَّخَتْ في أَعشاشِهم، وزَقْزَقَتْ أَفراخُها في أَوكارِهِم، وطارتْ بأَجنحةِ الافتراءِ الأبلهِ إلى آفاقِ التاريخِ الإِسلاميِّ المظلومِ، فتَلَقَّفَها كُلُّ رَاوَنْدِيٍّ ملحدٍ، وحَمَلَها كلُّ زِنديقٍ مُفسدٍ؛ لِيْطعَنَ بها في سُويداءِ قلبِ القرآنِ الكريمِ الحَكيمِ المُحْكَمِ، ويفتِكَ بخنجرِها بالسُّنةِ المطهَّرةِ المُبيِّنةِ -وهما أَصلُ أُصولِ الإِسلام اللذانِ قامَ

<<  <  ج: ص:  >  >>