على دعائِمِهِما شامِخُ صَرْحِ هذا الدينِ القَيِّمِ-؛ لِيُزَعْزعَ الثقةَ بأَصليهِ، فينْفَلِتَ مِن أَيدي المسلمينَ زِمامُ دينِهِم الذي أَنزلَهُ اللهُ تعالى هدًى ورحمةً للعالَمينَ، لِيَهْدِمَ بهِ كُلَّ بناءٍ للوثنيةِ والإلحادِ، ويَقْضِيَ بهدايِتِه على مَعالِمِ الشركِ والإِفسادِ، ويُضَعْضعَ بآياتِه كُلَّ تفلسُفٍ مُتَزَنْدِقٍ، وكُلَّ زندقةٍ متفلسفةٍ، ويُقيمَ بشرائعِهِ وأَحكامِهِ منائرَ التوحيدِ الخالِصِ للهِ تعالى وحدَهُ، وينْشُرَ بآدابِه في آفاقِ الحياةِ نورَ الحقِّ والخيرِ.
هذه الأكذوبةُ الغِرْنَوقيَّةُ الخبيثةُ تريدُ من المسلمينَ أَن يَجْعَلوا مِن سيِّدِ المرسَلينَ، خاتَمِ الأنبياءِ، محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، أُلعوبةً في يدِ الشيطانِ، وأَنْ يَجْعَلوا منهُ - صلى الله عليه وسلم - مَعْبَثَةً للشِّركِ والمُشركينَ، وأُبطولةً يَرقُصُ مِن حَوْلِها المَلاحدةُ والحاقِدونَ!.
ولكنَّ اللهَ تعالى يأْبى إلَّا أن يَجْعَلَ مِن دينِهِ -دينِ الإِسلامِ الذي رَضِيَهُ لأمَّةِ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - حِصْنًا حَصينًا، لا تَقْتَحِمُهُ الأباطيل والتُرَّهاتُ، ولا تَنْطَلي على حُذَّاقِ حَمَلَتِه مِن الجَهابذةِ زندقةُ المُتزندِقينَ.
وقد أَخبرَ سُبحانَه إخبارًا -لا يتخالَجُهُ الرَّيبُ، ولا يَحومُ حولَ حِماهُ الشَّكُّ-، بأَنه هو الذي تولَّى بنفسهِ حِفْظَهُ بحفظِ دستورِهِ: القُرآنِ الحكيمِ المحكَمِ، فلا يدخُلُ إلى ساحتِهِ افتراءُ المُفْتَرينَ، ولا يَلجُ إلى حَظيرةِ قُدْسِهِ عَبَثُ الشياطينِ، فقالَ تَعالى:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}[الحجر: ٩].