لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ} [المائدة: ٤٤]؛ لِيَرَوا ما أَضْفَى رَبُّ العِزَّة تبارَكَ وتعالى على كِتابِهِ: القرآنِ الحكيمِ المحكَمِ مِن حفاوةِ الاختصاصِ بتَوَلِّي حفظهِ، وإسنادِ ما أَفاضَهُ على التَّوارةِ من فَضْلِهِ، فوَكَّلَ حفظَهُ إلى الرَّبَّانِيِّينَ والأحْبارِ.
° قالَ أَبو حَيَّانَ في "البحرِ": "وقد أَخَذَ اللهُ على العُلَماءِ حِفْظَ الكِتابِ -أَي: التوراةِ- مِن وجهينِ:
أَحَدُهما: حِفْظُهُ في صُدورِهِم، ودَرْسُهُ بأَلسنَتِهم.
والثاني: حِفْظُهُ بالعَمَلِ بأَحكامِهِ، واتِّباعِ شَرائِعِه.
وهؤلاءِ ضيَّعوا ما اسْتُحْفِظوا حتى تبدَّلَتِ التَّوراةُ.
وفي بناءِ الفعلِ للمفعولِ وكَوْنِ الفعلِ للطَّلَبِ ما يدلُّ على أَنَّه تعالى لم يتكَفَّل بحفظِ التوراةِ، بل طَلَبَ منهُم حِفْظَها، وكلَّفَهُم بذلك، فغَيَّروا وبدَّلوا، وخالَفوا أَحكامَ اللهِ؛ بخلافِ كتابِنا، فإنَّ اللهَ تعالى تَكَفَّلَ بحفظِهِ، فلا يُمْكِنُ أَنْ يَقَعَ فيهِ تَبْديلٌ ولا تَغْييرٌ، قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: ٩] ".
أَفَلا يعْقِلُ الغِرْنوقيُّونَ؟!.
هذه الأكذوبةُ الخبيثةُ البلهاءُ كانت إحدى الفِرَى الحاقِدةِ التي طوَّفَتْ ببعضِ مؤلَّفاتِ الجَمَّاعينَ للغَثِّ والسَّمينِ، فرواها في غَفْلَةٍ مِن عقلِهِ وعِلْمِهِ بعضُ المفسِدينَ، وأُدخِلَتْ على بعضِ المُحَدِّثينَ؛ مُغَلَّفةً بأَغْلِفَةِ الأسانيدِ، مُحاطَةً بهالاتِ بريقِ الأسماءِ، فردَّدَها بأَساليبَ مختلفةٍ، وفَرَطَحَها كثيرٌ ممَّنْ تلقَّفَها بالبُلْهِ والغَفْلةِ، ورَتَعَتْ في أَسفارِ المُؤرِّخينَ، فأَعادُوا فيها
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute