وأَبْدَوْا، وزادُوا ونَقَصُوا، وأَثْبَتُوا وحَذَفُوا، وشَوَّهُوا وزَيَّنُوا، ومَسَخُوا وحَرَّفُوا، وتلقَّاها القَصَّاصُونَ فغَنَّوا بها، وكانَ إبليسُ هو عازفَ موسيقاها في أَنديَتِهم ومجالِسِهم، ومَصْمَصَتْ لسماعِ أَباطيلِها شفاهُ الجاهِلينَ مِن غَوْغَاءِ العامَّةِ، وعامَّةِ الغوغاءِ، الذينَ تَكْبُرُ في صدورِهِم الغَرائِبُ والأعاجيبُ مِن المُضْحِكاتِ المُبكِياتِ، فَيَهِشُّونَ لها، وَيتزاحَمونَ على محافِلِها.
بَيْدَ أَنَّ هذه الأُقصوصَةَ الخبيثةَ والأكذوبَةَ البلهاءَ لم تُفْلِتْ مِن سِياطِ النَّقْدِ المُمَحِّصِ، فنَهَضَ إليها مِن الجَهابذةِ المَهَرَةِ، والحذَّاقِ العيالمِ مِن أَئمَّةِ الإِسلامِ، المشهودِ لهُم بالفضلِ والصِّدْقِ والتَّبَحُّرِ والتفقُّهِ في الدينِ مَن طَعَنَها في أَقتلِ مقاتِلِها، فبَهْرَجَ زَيْفَها، وكَشَفَ عن سَوْأَتِها، وعرَّاها شوهاءَ متزندقةً، وجَلَّاها بَلْهاءَ مُلْحِدةً، وأَظهَرَها فِرْيةً مستَخْبَثَةً.
ولكنَّها ظَلَّتْ تَعيشُ في أَوديةِ الشياطينِ، تتربَّصُ للوثْبةِ؛ لتُفْسِدَ على المجتمعِ المسلمِ حياتَهُ الإِيمانيَّةَ، بتشكيكِهِ في أَصلِ أُصولِ دينِه، ودُستورِ حياتِه: القُرآنِ الحكيمِ المحكمِ، وتُزَعْزعَ ثقتَهُ في صِدْقِ نبيِّهِ، سيِّدِ الأنبياءِ والمُرسلينَ، محمدٍ خاتَمِ النَّبِيِّينَ - صلى الله عليه وسلم -؛ لِيُصْبحَ هذا المجتمعُ المسلمُ الذي اكْتَسَحَ حياةَ الوثنيَّةِ والإلحادِ المشركِ بهُدَى قُرآنِه وسُنَّةِ نبيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - فريسةً للإلحادِ الجديدِ على أَلسنَة المستَشْرِقينَ، والمُبَشِّرينَ الصَّليبِيِّينَ، واليهودِ السبائيِّينَ، والزنادقةِ الرَّاوَنْدِيِّينَ، والمُتَحَلِّلينَ مِن فجَّارِ الشُّيوعيِّينَ؛ الذينَ عَجَزوا عن مُوافَقَةِ القرآنِ في مواجهةٍ فكريَّةٍ، ومُحاجَّةٍ علميَّةٍ، فلاذوا إلى الافتراء يختَلِقونَهُ، وإلى الأباطيلِ يَزْرَعُونَها في أَرضهِ، في غَفْلةٍ مِن حُرَّاسِهِ الغُرِّ المَيامِينِ؛ لِيُغَيِّروا معالِمَ هدايَتِه، وُيشَوِّهوا حقائِقَ دُستورِهِ، ويَخْلَعوا عن