نبيِّهِ، سيِّدِ الأنبياءِ والمُرْسَلينَ، خِلْعَةَ العِصْمَةِ التي حَفِظَهُ الله بها عن أَيِّ خَطَإ فيما يُبَلِّغُهُ الرسولُ عن اللهِ تعالى مِن الشَّرائعِ والأحكامِ إلى الخَلْقِ كافَّةً، فكانَتْ عاصِمًا لهُ - صلى الله عليه وسلم - من أَنْ يكونَ للشيطانِ عليهِ سَبيلٌ.
والعِصْمةُ عن الخطإ فيما يُبَلِّغُه الرسولُ عن اللهِ تعالى ثابتةٌ بإجماعِ طوائِفِ الأمَّةِ خَلَفًا عن سَلَفٍ، لم يُعْرَفْ في هذا مخالِفٌ؛ إلَّا مَن أَوَّلَ وحَرَّفَ وبدَّلَ، وذلكَ أَمرُهُ إلى الله، يتولَّى جزاءَهُ بما يستَحِقُّ مِن جزاءٍ.
وقد تناوَلَ هذه الأقْصوصَةَ كثيرٌ مِن القُدَامى والمتأَخِّرينَ، وكانَ منهُمْ مَن لهُ دِرايةٌ بصناعةِ التَّحديثِ، ونقدِ الرواياتِ الحَدِيثيَّة، فأَجادَ في بيانِ زَيْفِ جميعِ رواياتِ الأقْصوصَةِ، وما فيها مِن وَهْيٍ ووَهَنٍ يَنْسِفانِها نَسْفًا، ويَذْرِيانِ رَميمَها في مَهَبِّ أَعاصيرِ الأباطيلِ، ولكنَّهُ كَعَّ عن الصَّراحَةِ في الردِّ على مَن أَثْبَتَها مِن الأكابِرِ ذَوِي الشُّهْرَةِ والرَّنينِ.
وكُلُّ أحدٍ مِن النَّاسِ يؤخَذُ مِن قولِهِ ويُرَدُّ عليه؛ إلَّا رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فهو وحدَهُ المعصومُ عن أَنْ يُبَلِّغَ عن اللهِ إلَّا ما هُو حقٌّ وهُدًى.