الشك في الحديث- أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قرأ بمكة سورة "النجم" حتى انتهى إلى قوله: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى}[النجم: ١٩]، وذكر بقيَّته، ثم قال البزَّار:"لا نَعلمُه يُروى متَّصِلاً إلَّا بهذا الإسناد، تفرَّد بوَصلِه أُميةُ بن خالد وهو ثقةٌ مشهور، وإنما يُروى هذا من طريق الكَلْبِيِّ، عن أبي صالحٍ، عن ابن عباس" .. كذا في "تفسير ابن كثير"(٣/ ١٢٩).
وعزا الحافظُ في "تخريج الكشاف"(٤/ ١٤٤) هذه الروايةَ "للبزَّار، والطبري، والطبراني، وابن مردويه"، وعزوه للطبري سَهْوٌ، فإنها ليست في تفسيره -فيما علِمتُ- إلَّا إنْ كان يعني غيرَ التفسير من كتبه، وما أظنُّ يريدُ ذلك، ويؤيِّدُني أن السيوطيَّ في "الدر" عزاها لجميعِ هؤلاء إلَّا الطبريَّ، إلَّا أن السيوطيَّ أَوْهَمَ أيضًا، حيث قال عطفًا على ما ذُكر:"والضياء في "المختارة" بسندٍ رجالُه ثقات، من طريق سعيدِ بنِ جُبير، عن ابنِ عباس قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ .. "، فذكر الحديث مثلَ الروايةِ المرسَلةِ التي نقلناها آنفًا عن "الدر" نفسه، ومَحِلُّ الإيهامِ هو قوله:"بسندٍ رجاله ثقات"، بالإِضافة إلى أنه أخرجه الضياءُ في "المختارة"، فإنَّ ذلك يوهِمُ أنه ليس بمَعلول، وهذا خلافُ الواقع، فإنه معلولٌ بتردُّدِ الراوي في وَصلِه كما نَقلناه آنفًا عن "تفسير ابن كثير"، وكذلك هو في "تخريج الكشاف" وغيره، وهذا ما لم يَرِدْ ذكرُه في سياق السيوطيِّ، ولا أدري أذلك اختصارٌ منه، أم من بعضِ مُخرِّجي الحديث؟ (١) وأيًّا ما كان، فما كان يَليقُ بالسيوطيِّ أن يُغفِلَ هذه العِلَّةَ، لا سيَّما وقد صَرَّح بما يُشعِرُ أن الإسنادَ
(١) ثم رأيت السيوطي قد أورده في كتابه "أسباب النزول" على الشك في رفعه فأصاب، فتبين أن لا مسؤولية فيه على غيره.