صحيح، وفيه من التغريرِ ما لا يَخفى، فإنَّ الشكَّ لا يُوثَقُ به، ولا حقيقةَ فيه، كما قال القاضي عياض في "الشفاء"(٢/ ١١٨)، وأقرَّه الحافظ في "التخريج"، لكنه قال عقب ذلك:"ورواه الطبريُّ من طريق سعيدِ بنِ جُبير مرسلاً، وأخرجه ابنُ مردويه من طريق أبي عاصمٍ النبيل، عن عثمانَ بنِ الأسود، عن سعيدِ بنِ جبير، عن ابنِ عباسٍ نحوَه، ولم يَشُكَّ في وَصْلِه، وهذا أصحُّ طرقِ الحديث .. قال البزَّار .. ".
قلت: وقد نَقَلْنا كلامَ البزَّارِ آنفًا، ثم ذَكَر الحافظُ المراسيلَ الآتية، ثم قال:"فهذه مراسيلُ يُقوِّي بعضُها بعضًا".
قلت: وفي عبارةِ الحافظ شيءٌ من التشويش، ولا أدري أذلك منه، أم مِن النُّسَّاخ؟ -وهو أغلبُ الظن-، وذلك لأن قوله:"وهذا أصحُّ طُرُقِ هذا الحديث" إنْ حَمَلناه على أقربِ مذكور -وهو طريقُ ابنِ مردُويه الموصولُ- كما هو المتبادَرَ، مَنَعَنا من ذلك أمور:
الأول: قولُ الحافظ عَقِبَ ذلك: "فهذه مراسيلُ يُقوِّي بعضُها بعضًا"، فإنَّ فيه إشارةً إلى أنْ ليس هناك إسنادٌ صحيحٌ موصولٌ يُعتمَدُ عليه، وإلَّا لَعَرَّج عليه وجَعَله أصلاً، وجَعَل الطُّرُقَ المرسَلةَ شاهِدةً ومُقَوِّيةً له، ويؤيِّدُه الأمرُ الآتي، وهو:
الثاني: وهو أن الحافظَ لَمَّا رَدَّ على القاضي عياض تضعيفَه للحديث من طريقِ إسنادِ البزَّارِ الموصولِ بسبب الشك، قال الحافظ: "أمَّا ضَعفُه، فلا ضَعفَ فيه أصلاً (قلت: يعني في رُواته)، فإنَّ الجميعَ ثِقات، وأما الشكُّ فيه، فقد يَجيءُ تأثيرُه ولو فردًا غريبًا -كذا-، لكنْ غايتُه أن يَصيرَ مرسَلاً،