للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المحَرَّم، ومقام خليلِه الأكرم، وتراثِ أنبيائِه الأقدم، وضَريح نبيه الأعظم - صلى الله عليه وسلم -، ورَجَوا أن تَشْحَذَ البصائرَ آيةٌ كآيةِ هذا البيت، إذ قَصَده أصحاب الفيل، ووَكَلوا إلى الله الأمر، وكان حَسْبَهم ونعمَ الوكيل.

وأما السائرةُ إلى بحر الحجاز، فتمادتْ في الساحل الحجازي إلى "رابغ" إلى سواحل "الحوراء" (١)، فأخذت تجَّارًا، وأخافتْ رِفاقًا، ودَلَّها على عَوْراتِ البلاد من الأعرابِ من هو أشدُّ كفرًا ونفاقًا، وهناك وَقَع عليها أصحابُنا وأُخذت المراكبُ بأسرها، وفَرَّ فِرنجُها بعدَ إسلام المراكب، وسَلَكوا في الجبالِ مهاوِيَ المهالك، ومعاطِنَ المعاطب، ورَكِبَ أصحابُنا وراءَهم خَيلَ العربِ يَشُلُّونهم شلاًّ، ويقتنِصونهم أسرًا وقتلاً، وما زالوا يتبعونهم خمسةَ أيامٍ خيْلاً ورَجْلاً، ونهارًا وليلاً، حتى لم يتركوا عنهم مُخبرًا، ولم يُبقوا لهم أثرًا، {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا} [الزمر: ٧١]، وقُيِّد منهم إلى مصر مئةٌ وسبعون أُسرَا" (٢).

° قال الذهبيُّ عن بطل هذه المعركة "حسام الدين العادلي": "لؤلؤ العادلي الحاجب بَطلٌ من أبطالِ الإسلام، وهو كان المندوبَ لحرب فرنج الكَرَك الذين ساروا لأخذِ "طَيبة"، أوْ فرنج سواهم، ساروا في البحر المالح، فلم يَسِرْ "لؤلؤ" إلاَّ ومعه قيودٌ بعددهم، فأدركهم عند "الفحلتيْن"، فأحاط بهم، فسلَّموا نفوسهم، فقيَّدهم، وكانوا أكثَرَ من ثلاثِمئةِ مقاتل، وأقبل بهم


(١) الحوراء: كورة من كور مصر القِبليّة في آخر حدودها من جهة الحجاز، وهي على البحر في شرقي القُلْزُم "البحر الأحمر". انظر "معجم البلدان" (٢/ ٣١٦).
(٢) "عيون الروضتين" (٣/ ١٣٩، ١٤٠ - ١٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>