للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سِحريٍّ قام بحبسِ كتيبةٍ من الجنِّ بداخله، وقد عَمِلت هذه الكتيبةُ -بما لها من تأثير- على مَنع تحطيم هذا التمثالِ من جانبِ أيِّ أحدٍ يريدُ تحطيمَه.

وقد أثبت "باسيه" بالتفصيل انتشارَ هذه الأسطورةِ في المصادر المسيحية والعربية والأسكندنافية، وبَرهَنَ على أن الأمرَ هنا يدور -على الأرجح- في الأصل حولَ تمثالِ لهرقلَ ظنَّ المحمَّديون خطأً أنه يرمز إلى محمد! ثم انتَقلت الأسطورةُ عن طريقِ المسلمين إلى المسيحيين في أسبانيا، ومن هناك تسرَّبت إلى الأدب الفرنسيِّ في العصر الوسيط (١).

° قال الدكتور محمود حمدي زقزوق في كتابه "الإسلام في تصوُّرات الغرب": "إذا رُويت هذه الأساطير على ألسِنةِ الغربيِّين، ودُوِّنت في مؤلَّفاتهم، فهذا أمرٌ مفهومٌ، وقد اعتدنا عليه، أمَّا أن يُقالَ: إن المسلمين أنفسَهم قد قالوا بهذا الهُراء، وإن مصادِرَهم قد دُوِّن فيها هذا الباطلُ، فهذا أمرٌ لا يمكنُ تصديقُه، وذلك لأسبابٍ كثيرةٍ أهمُّها ما يأتي:

أولاً: المسلمون يَعرِفون تمامًا أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قد حَرَّم التماثيل لأنها تُذكِّر بالأصنام من ناحية؛ ولأن فيها محاكاةً لخَلِق اللهِ من ناحيةٍ أخرى، وقد وَرَد في هذا الصددِ العديدُ من الأحاديث الصحيحة، ومن ذلك ما رواه مسلم في "صحيحه" أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تدخلُ الملائكةُ بيتًا فيه تماثيلُ أو تصاوير وقوله: "يا عائشة: أشدُّ الناسِ عذابًا عند الله يومَ القيامة الذين يُضاهُون بحلِق الله وفي روايةٍ أخرى: "الذين يُشبِّهون بخَلقِ الله".

فهل يُعقلُ -بعد هذا التحذير الشديدِ- أنْ يَنسِبَ المسلمون إلى نبيهم أنه


(١) "الإسلام في تصورات الغرب" (ص ١٢٦ - ١٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>