صَنَع لنفسه تمثالاً أو أوعَزَ بصُنعِه؟ وقد يقال: إن بعضَ العلماءِ في العصرِ الحديث قد قال بتأويل مثل هذه الأحاديث، ولكن هذا التأويلَ لم يكن بالقطع قائمًا لدى المسلمين في الأندلس.
ثانيًا: المسلمون يتحرَّجون حتى اليوم -بعد مرورِ أكثرَ من أربعةَ عَشَرَ قرنًا على ظهورِ الإسلام- من مجردِ ظهورِ شخصياتٍ تمثل أدوار أحدٍ من الصحابة في مشاهدَ هادفة، ناهِيك عن إقامةِ تماثيلَ لهم، فما بالُك إذا كان الأمرُ يتعلَّقُ بالنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؟! وإذا كان هذا شأنَ المسلمين اليومَ حيث تنتشرُ التماثيلُ في كل مكان، وحيثُ أصبَحَ التمثيلُ أمرًا مألوفًا، فما بالُك بالمسلمين منذ قرونٍ عديدة، وفي بلادٍ أحرقت كتاب "الإحياء" للغزالي ظنًّا منها أنه رُبما يحمل أفكارًا فلسفيةً لا يَرضى عنها الإسلام؟!.
إن الأمرَ الأقربَ إلى المعقول هو أن هناك أسطورةً كانت قائمةً قبلَ أن يدخلَ المسلمون إلى هذه البلاد، ثم حَوَّرها الأوروبيُّون أنفسُهم -وإيمانُهم بالأساطيرِ كان شديدًا في العصرِ الوسيط-، ورَوَّجوها على أَلسِنَةِ المسلمين" (١).
هذه مَورُوثاتُ وتصوُّراتُ العصورِ الوسطي عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، ولا يزالُ الغربيُّون الصليبيون أسرى هذه التصوُّرات والأساطيرِ والتجني الواضح على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
لقد بَلَغ ما كَتَبه المستشرقون عن الإسلام في قرنٍ ونصفٍ (منذ أوائل القرن التاسعَ عَشَرَ حتى منتصفِ القرن العشرين) نحوَ ستينَ ألفَ