للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [المائدة: ١٥، ١٦].

{سُبُلَ السَّلَامِ}: ما أدقَّ هذا التعبيرَ وأصدقَه! إنه "السلام"، هو ما يسكبُه محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - ودينُه في الحياة كلِّها .. سلامُ الفرد، وسلامُ الجماعة، وسلامُ العالَم .. سلامُ الضمير، وسلامُ العقل، وسلامُ الجوارح .. سلامُ البيت والأسرة، وسلامُ المجتمع والأمَّة، وسلامُ البشرِ والإنسانية .. السلامُ مع الحياة، والسلامُ مع الكون، والسلامُ مع اللهِ ربِّ الكونِ والحياة .. السلامُ الذي لا تجدُه البشرية -ولم تجِدْه يومًا- إلاَّ في هذا الدين؛ وإلاَّ في مَنهجه ونِظامه وشريعتِه، ومجتمعِه الذي يقومُ على عقيدته وشريعته.

ولا يُدرِكُ عُمقَ هذه الحقيقة ومذاقَها المُريحَ كما يُدرِكُها مَن ذاق سُبلَ الحرب في الجاهليَّات قديمًا، أو الجاهليَّة الصليبية أو اليهودية حديثًا .. لا يدرِكُ عُمقَ هذه الحقيقةِ كما يدركها مَن ذاق حَربَ القلقِ الناشئِ عن عقائدِ الجاهلية في أعماقِ الضمير .. وحربِ القلقِ الناشئِ من شرائع الجاهليةِ وتخبُّطِها في أوضاعِ الحياة، والويلاتِ التي تذوقها البشرية من كلِّ ألوان الحروب في الضمائر والمجتمعات قرونًا بعد قرون .. وفاءَ مَن سَبَقَ له من ربِّه الحسنى إلى ظلالِ السلام في الإِسلام .. سلام يَرِفُّ في حَنايا السريرة، وسلامٌ يُظلِّلُ الحياة والمجتمعَ، وسلامٌ في الأرض، وسلامٌ في السماء.

أولَ ما يَفيضُ هذا السلام على القلب وينشأُ من اعتقادٍ صحيح عن إلهه وربِّه، فلا يخاف غيرَه، ولا يَخْشى سواه من كلِّ قوةٍ زائفةٍ زائلة .. ويَفيضُ السلامُ على القلب حين يعلم العلاقةَ بين العبدِ وربِّه، وبين الخالق والكون.

<<  <  ج: ص:  >  >>