العقيدةُ التي تقفُ بصاحبها أمامَ النَبْتَةِ الصغيرة، وهي توحي إليه أنَّ له أجرًا حين يَرويها من عطش، وحين يُعينها على النماء، وحين يُزيلُ من طريقها العقبات: هي عقيدةٌ جميلة -فوق أنها عقيدةٌ كريمة-، عقيدةٌ تسكبُ في رُوحه السلام، وتُطلِقُه يُعانقُ الوجودَ كلَّه، ويُشيعُ مِن حوله الأمنَ والرِّفقَ، والحبَّ والسلام.
° وعقيدة الإِسلام في اليوم الآخِر، والعدلِ المطلَقِ والجزاءِ الأوفى عند الله، فلا قلق، ولا سُخْط، ولا قنوط إذا لم يُوفَّ حقَّه في هذه العاجلة بمقاييس الناس، هذا بدلاً من الصِّراع المجنون العموم الذي تُداس فيه الحرماتُ بلا تحرُّجٍ ولا حياءٍ من لصوصِ الصليبيِّين واليهود، لصوصِ المغارات أبناء الحيَّات والأفاعي.
° وغايةُ الوجود في الإِسلام عبادةُ الله في كلِّ لحظةٍ من لحظاتِ حياته، وبكلِّ نَبضٍ في جوارحه، فترفعُه العبادة إلى أُفقِها الوضيء، ترفعُ شعورَه وضميرَه، وترفعُ نشاطَه وعملَه، فهو يَعبدُ في كلِّ خُطوة، وهو يحقِّقُ غايةَ وجودِه في كلِّ خَطْرة، وهو يرتقي صُعُدًا إلى الله في كلِّ نشاطٍ وفي كل مجال، وهو يَسمعُ قولَ رسوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله تعالى يُحبُّ مَعَاليَ الأمور وأشرافَها، ويَكرهُ سَفْسَافها"(١).
فأوْلَى به ألاَّ يَغْدِرَ ولا يَفْجُر، وأوْلى به ألاَّ يَغِشَّ ولا يَخدع، وأَوْلى به ألاَّ يطغى وألاَّ يتجَبَّر، وأَوْلَى به ألاَّ يستخدمَ أداةً مُدَنَّسَةً ولا وسيلةً
(١) صحيح: رواه الطبراني في "الكبير"، وابن عدي، وأبو الشيخ، وأبو نعيم في "الحلية" عن سهل بن سعد، وكذا رواه ابن عساكر وابن النجار عن سهل، وصححه الألباني.