للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول بريدو: "ومنذ ذلك الوقت عَمِل الاثنان (باب روما ومحمد) على أن يكوِّنَ كلٌّ منهما لنفسِه إمبراطوريةً من الادعاء، وعَمِل أتباعُهما منذ ذاك الوقت، متَّخِذين الوسائلَ نفسَها المتمثِّلةَ في النار والسيف، لنَشرِ دعوتِهم بين البشر، حتى بَدَتِ الحركةُ المعاديةُ للمسيح في ذاك الوقت تَطَأُ بقَدَمِها على العالَم المسيحيَّ في وقتٍ واحدٍ أحدَ فَرْعَي الحركةِ في الشرق، والفرع الآخر في الغرب .. لقد داسا كنيسةَ المسيح، فعانت منهما كثيرًا في العصور التالية".

إنَّ اتفاقَ التواريخ (تاريخ اعتكاف محمدٍ في غار حراء، وتاريخ دعوة بابا روما -بونيفاس- إشرافه العالمي على كنيسة المسيح) أمرٌ يستحقُّ الالتفات، فكِلَا الحدثين جَرَيَا في السنواتِ الستِّ أو الثمانِ الأولى من القرن السابع للميلاد، لكننا لا نملكُ بُرهانًا يُقنِعُنا باعتبارِ محمدٍ يستحقُّ أن نُطلقَ عليه لقب: عدو المسيح، أو المناهض له .. ".

° ويقول (ص ٥٨ - ٥٩) عن عقيدةِ التوحيد وعن سورة "الإخلاص": "وهي تتكوَّنُ من جُملةٍ واحدة: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١) اللَّهُ الصَّمَدُ (٢) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص: ١ - ٤].

وتتردُّد هذه العقيدةُ تِباعًا في سور القرآن وآياته، والمؤلفُ (يقصد واضع القرآن) لا يَهدِفُ بهذا التكرارِ مجردَ خطأِ تعدُّدِ الآلهة والوثنية اللتين كانتا شائقين آنَئذٍ بين أُممِ الشرق، وإنما هو يُوجِّهُ أيضًا ضربةً قاضيةً للعقيدةِ المسيحيةِ القائلةِ بأن المسيحَ هو ابنُ الله "الابن الوحيد لله".

إنَّ محمدًا مَثَلُه في ذلك مَثَلُ آخَرِينَ في عصورٍ أخرى، لم يستطعْ أن

<<  <  ج: ص:  >  >>