المقدسة السابقة عليه)، يلاحِظُ السير "وليم جونز" أن "القرآن -حقًّا- يتألَّقُ بنورٍ مستعار، طالما أن معظَمَ ما فيه من جَمالٍ مأخوذٌ من كتبنا المقدسة، لكنه يتَّسمُ بجمالٍ عظيم لدرجةِ أن المسلمين لن يقتنعوا بأنه جمالٌ مستعار"، فعند تعرُّضه لجلال اللَّه وصفاتِه وتنوُّعِ الخَلْقِ وعظمتِه، نجدُه -أي القرآن- غالبًا ما يسمو سُمُوًّا هائلاً لدرجةٍ مؤثِّرةٍ تفوقُ الوصفَ، ومع هذا ففي معظم الأمثلة من هذا النوع يجدُ الكاتبُ أنها دائمًا أدنى من الأصل المأخوذةِ عنه، بل إن نتيجةَ الفحصِ النزيهِ غيرِ المتحيز لكتاب المسلمين المدَّعى (يقصد القرآن الكريم) حتى في طبعتِه الإنجليزية كما توصَّل إليها الكُتَّابُ المسيحيون، سواءٌ فيما يتعلَّقُ بما فيه من جمال أو فيما يتعلق بالمعاني المبثوثة فيه، قلمَّا تكونُ عادلةً، رغمَ ما يَعتري تأليفَه من عيوبٍ، ورغم الاقتناع بما فيه من نقصٍ شائن.
وعلى أيةِ حالٍ، فإنه (يقصد القرآن) أدنى من مستوى كثيرٍ من الإنتاج (الأدبي) البشري الموجود بمختلفِ اللغاتِ وفي أنحاء الأرض، بصرف النظر عن دعواه بأنَّه ليس من كلامِ البشرِ بلاغةً ومعنًى.
فمع وجود آياتٍ ذوتِ جمالٍ حقيقيٍّ وقوةٍ يصادفُها المرءُ فيه، إلاَّ أنه بشكلٍ عامٍّ مختلطٌ اختلاطًا غريبًا، ففيه ما هو سامٌّ، وقد ارتبط أيضًا ارتباطًا وثيقًا بما هو سخيف، مضحك، مرعب، حتى إنَّ كلَّ سورةٍ فيه، بل وكلَّ صفحةٍ أو فقرةٍ فيه، كثيراً ما تضمُّ بالتأكيد عواطفَ متناقضةً كأشدِّ ما يكونُ التناقض، فمشاعرُ الاحترامِ والازدراء والإعجابِ والاشمئزازِ تتوالى تواليًا سريعًا، أو بتعبيرٍ آخَرَ يَعقُبُ بعضُها بعضًا في نفسِ المرءِ بشكلٍ متوالٍ، بحيثُ لا تتركُ انطباعًا ثابتًا وحدًا في النفس (أو العقل) "اهـ.