يدعو إلى الحربٍ، متعطِّشٌ للغزو، ومليءٌ بالاحتقارِ لغيرِ المسلمين.
وعندما احتَلَّت فرنسا الجزائر (١٣٤٦ هـ-١٨٣٠ م) لم تُنْسِها علمانيتُها المتوحشة الحقدَ النصرانيَّ الصليبيَّ على الإسلام والمسلمين، فاعتَبرت انتصارَها هذا انتصارًا للمسيحية على الإسلام، وسَجَّل رفاعة الطهطاوي (١٢١٦ - ١٢٩٠ هـ / ١٨٠١ - ١٨٧٣ م) هذه الحقيقة -وكان شاهد عيان عليها يومئذ بباريس- فقال:"إن المُطران الكبير (بباريس) لما سَمع بأخذِ الجزائر، ودخل الملك "شارل العاشر" (١٨٢٤ - ١٨٣٠ م) الكنيسةَ. يشكر اللهَ على ذلك، جاء إليه المُطرانُ ليهنئَه على هذه النصرة، فقال: إنه يَحمدُ اللهَ على كَونِ المِلَّةِ المسيحيةِ انتَصرت نُصرةَ عظيمةً على الملَّةِ الإسلامية، ولا زالت كذلك"(١).
° وعندما احتَفل الفرنسيون -العلمانيون- بمرور مئةِ عام على احتلالهم للجزائر (١٣٤٩ هـ/ ١٩٣٠ م) ماذا قالوا في الخطب والكلمات التي عبرت عن حقدهم الصليبي على الإسلام؟! لقد خطب أحد كبار ساستهم فقال:"إننا لن ننتصرَ على الجزائريين ما داموا يقرؤون القرآنَ، ويتكلَّمون العربيةَ، فيجبُّ أن نُزيلَ القرآنَ من وجودهم، وأن نقتلعَ العربيةَ من ألسنتهم".
° وخَطَب سياسيٌّ آخر، فقال: "لا تظنوا أن هذه المهرجاناتِ من أجلِ بُلوغنا مئةَ سَنةٍ في هذا الوطن، فلقد أقام الرومان قَبلنا فيه ثلاثةَ قرون، ومع
(١) "الأعمال الكاملة" لرفاعة الطهطاوي (٢/ ٢١٩) - دراسة وتحقيق د. محمد عمارة - طبعة بيروت ١٩٧٣ م.