للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيرى المؤلفُ في هذا الكتابِ أنه لا زواجَ ولا طعامَ ولا شرابَ في الجنة، وإنما كالملائكةِ يُسبِّحون بحمدِ الله، هذه هي جنةُ المؤمنين، أما الشياطينُ (ويعني بهم المسلمين) فهم في كهوفٍ تَعُجُّ بالقَتَلةِ والكَفَرةِ والزُّناة يتمرَّغون في حَمْأة الفجورٍ، تَلفَحُهم زَفَراتُ الغرائز، وتَسُوطهم شهوةُ البهائم، فهم في الرِّجسِ والمُوبقاتِ غارِقون، وفي شُغلٍ فاكهون، متَّكؤون على سُررٍ مصفوفة، والمسافِحاتُ مسجوراتٌ في المواخِرِ يطوفُ عليهم ولدانُ اللواطِ بأكوابِ الرجسِ والخمرِ الحرام، يَلِغُون فيها فلا هم يُطفؤون أُوارهم، ولا هم يرتوون" (الجنة: ١: ٤).

وحُجةُ هؤلاء الأقزام في التنفير من جنةِ المسلمين أنها جنةٌ مادية! والسؤالُ: وماذا في الجنة المادية؟ ألَا تُحبُّون الأكل؟ ألَا تُحبُّون الشُّرب؟ ألَا تُحبُّون الجِنس؟ ألَا تحبُّون التمتعَ بالظِّلالِ والجمالِ والهدوء؟ ألَا تُحبُّون أن تَستمعوا إلى الأصوات العَذبةِ الجميلة؟ ألَا تُحبُّون راحةَ البال وسكينةَ النفس بعد كلِّ هذا القلقِ الذي اصطفيناه في الدنيا؟ إنَّ من يقول: "لا" لأيٍّ من هذه الأسئلة، لَهُوَ ثُعْلُبَانٌ كذابٌ أَشرٌ عريقٌ في النفاقِ والدجل! فما الحالُ إذا عرفنا أن هذه المُتَعَ الفردوسيةَ ستكونُ مُتَعًا صافيةً مبرَّأةً مِن كلِّ ما كان يَتلبَّسُ بها على الأرض مِن نُقصانٍ ونَفادٍ ومَللٍ أو كِظَّةٍ وغَثيانٍ أو قلقٍ وآلامٍ وأوجاعٍ وإفرازاتٍ وعِلَلٍ وتعبٍ وكَدْحٍ وصِراعٍ وخوفٍ، وكذلك مِن كلِّ ما كان يَعقُبُها من إخراجٍ وتجشُّؤٍ وفتورٍ وإرهاقٍ ونومٍ ومرضٍ .. إلخ؟.

لقد ذُكر القرآنُ المجيدُ أن أهلَ الجنة {لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ} [الحجر: ٤٨]، وأنهم سيَبْقَوْن {خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا} [الكهف: ١٠٨]، فما وجهُ التنطُّعِ والاشمئزازِ الكاذبِ إذن؟.

<<  <  ج: ص:  >  >>