للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٠ - رَحِم اللهُ الشافعي القائل: "ما جَهِل الناسُ ولا اختلفوا إلاَّ لتَرْكِهِم لسانَ العرب ومَيلِهم إلى لسان أرسطو".

اختلف فلاسفةُ اليونان "انكسيمندر" عن "طاليس"، واختَلف "هرقليط" عنهما، ووَصَل الامرُ إلى أرسطو الذي اخترع المنطقَ ليعصمَ الذهنَ عن الانحراف والضلال، فلاحَظَ عليه تلاميذُه وأبناءُ مدرستِه ومناصِروه أخطاءً لا حَصرَ لها، إنهم مع ما لهم من باعٍ واسعٍ في عِلمِ الفلسفة، كانوا أعجَزَ من أن يُمكنهم الدفاعُ عن المعلِّم الأول.

وعَجَزت آلةُ عِصمةِ الذهن عن عِصمةِ ذهنِ مخترِعها، وعن عصمةِ ذهنِ أتباعه، ولكنَّ المعترِضين على أرسطو لم يُقِر أحدٌ من كِبارِ الفلاسفة لهم بالصواب المُطلَق، وإنما كانت آراؤهم هي الأخرى مَثارَ جَدَلٍ واعتراضٍ وتجريحٍ ونقضٍ، وجاء الكِنْدي، والفارابي، وابن سينا، كلما جاءت أُمَّةٌ لعنت أختها.

وكَشَف الزمنُ عن أن عالَمَ الغَيبِ إنما هو حِجْرٌ محجور بالنسبة للعقلِ البشري، فلن يتأَتَّى -بوضعِه البشريِّ- أن يَطَأَ حِماه، ولا أنْ يَلِجَ بابه، وتَقدَّس عالَمُ الغَيبِ عن أن يُمسِكَ بمفتاحِه، أو يَكشِفَ عن مساتيره إلاَّ مَن أَذِنَ له اللهُ من نبيٍّ مُكرَّمٍ، أو من رسولٍ مأذون.

° وللَّه درُّ الشافعيِّ إذ يقول: "رأيي في علماءِ الكلام أن يُضرَبوا بالجريدِ والنَّعال، وأن يُطوَّفَ بهم في العشائرِ والأمصار، ويُقال: هذا جزاءُ مَن تَرَك الكتابَ والسُّنَةَ وأقبَلَ على عِلم الكلام".

وما أحلى سجودَ العقلِ لله خالقه!.

<<  <  ج: ص:  >  >>