والمدرسةُ العقليةُ في الدين -أيًّا كانت، وفي أيِّ مكانٍ وُجدت، وفي أي زمانٍ نشأت- لم تَسجدْ لله سجودَ خضوعٍ واذعان، وإنما سَجدت للعقل، وعَبَدت العقلَ، فتفرَّقت إلى ما لا يكادُ يُحصى من الفِرَق، {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}[النساء: ١١٥]".
وسبيلُ المؤمنين إنما هو السجودُ لله وحده، وذلك أيضًا سبيلُ الراسخين في العلم، إذ الراسخون في العلم هم دائمًا مؤمنون ساجدون لأمرِ الله، وإليهمِ تُشيرُ الآية الكريمة {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ}[الزمر: ٩].