وشكوكِهم وأوهامِهم، وبين الوحيِ والعِصمة، واليقينِ والهداية، إنما هو عملٌ لا يَسيرُ في رِكابه إلاَّ أتباعُ إبليس.
والفلاسفةُ إذن لم يَسجدوا لله.
° أما الطائفةُ الثالثة التي لم تَسجد لله إلاَّ شكلاً، فإنها طائفةُ المعتزلة من علماءِ الكلام، إنهم لم يَسجدوا لله سجودَ خضوع وإذعان، ومذهبُهم قائمٌ على تحكيمِ العقلِ في الدين، ووَصَل بهم الأمرُ إلى أنهم يُوجِبون على اللهِ بعضَ الأعمالِ، سبحانه وتعالى، ويُحرِّمون عليه إتيانَ بعضِها سبحانه وتعالى، فوضعوا أنفسَهم بعَمَلهم هذا موضعَ المشرِّعين لله سبحانه، يُلزمونه سَلْبًا، ويلزمونه إيجابًا، وزَّين لهم الشيطانُ أعمالَهم، وصَدَق فيهم قولُ الله تعالى:{أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}[فاطر: ٨].
ثم إنَّهم خاضوا فيما نَصَح الدينُ بعَدَمِ الخَوضِ فيه، كالذات الإلهية، والصفات، وكالقَدَر، وكان لابدَّ -وقد اتبعوا أهواءَهم- أن يختلفوا ويتفرَّقوا وتذهبَ بهم الأهواءُ كلَّ مذهب، فكانوا فِرَقًا وأحزابًا شتَى، لا تكادُ تدخل تحتَ حَصر.
وكل مَن نَهَج النَّهجَ العقليِّ في الدين، في العصرِ الحاضر، إنما هو تابعٌ من أتباعِ المعتزلة، ولا مَناصَ من الإقرارِ بأن مدرسةَ الشيخ محمد عبده، إنما هي مدرسةٌ اعتزالية في مبادئِها وأصولها، وهي مدرسةٌ اعتزالية في غاياتِها وأهدافِها، ذلك أنها تضعُ قضايا الدين في ميزانِ عقلِها، فتَنفي