ولكنني أدعو إلى تجنُبِ التورُّط بالمطالبة بالاعتذارِ لأمرين:
أحدهما: أن هذا لا يمكنُ أن يكونَ، وإذا أردتَ أن تُطاعَ فاطلُبْ ما يُستطاع، وإذا أردتَ أن يذهبَ جَهدُكَ عبثًا، فاطلب ما لا يُستطاع.
الأمر الآخر: أن المطالبةَ بالاعتذار حُفرةٌ خَطِرةٌ، نأملُ من مفكِّرينا تجنُّبها؛ لأنها تؤدِّي حتمًا إلى تسويغ مطالبتِهم إيانا بمثلِ ذلك إذا قلنا عن النصارى:"إنهم مشركون، وإن ما يؤمنون به هو ديانةٌ محرفةٌ أنتجها لهم "بولس" الذي يتربَّعُ البابا على كرسيه، ونحن نعتقد أنه -أي: بولس- كذابٌ أَشِر!! ".
والمعلومُ أن الدعوةَ إلى الإسلام بين النصارى لا يمكنُ أن تتمَّ إلاَّ بمناقشةِ تلك الأمورِ التي يُعِدُّها النصارى من مسلَّماتهم، ونُعِدُّها نحن من مكذوباتهم.
هل يَسُرُّ أحدًا من هؤلاء الذين يُطالبون البابا بالاعتذار أن تقومَ حكوماتُ الدُّولِ النصرانية بمَنع المسلمين في مساجدهم من قِراءةِ الفاتحة وسورةِ الإخلاص، بحُجَّةِ أنها تسيءُ إلى مشاعِرِ المسيحيين؟!.
وأكثرُ ما ساءني وآلَمَني في هذه الحَملةِ ضد البابا: وقوعُ عددٍ من علماءِ المسلمين في مأزقٍ خطيرٍ، حين أصدروا بيانًا ذَكروا فيه أن الجهادَ في الإسلام إنما شُرع للدفاع عن النفس!!.
وهذا إنْ دل على شيءٍ فإنما يدل على نجاح هذه الحَمْلة، ولكنْ لصالح البابا وأعداءِ الإسلام الذين اضْطَرُّوا علماءَ المسلمين إلى الوقوفِ موقفًا انهزاميًّا أدَّى بهم إلى الافتراءِ على الإسلامِ بأعظمَ مِن فِريةِ البابا عليه،