النصارى في سباقٍ محموم، حتى وَصَل الأمرُ أن يَخرُجَ زعيمُ النصارى وكبيرُهم ورأسُ المشركين وعابدي الأوثانِ ليُعلِنَ ويُصرِّحَ بالقَدحِ في الإسلام وفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
والمسلمون في مشارِقِ الأرض ومغارِبها يؤمنون برسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وأن ما جاء به هو الحقُّ، وأن هذه الأقوالَ الفاسدةَ التي يتقيَّؤُها كبيرُ النصارى -ومَن هم على شاكلته- لن تؤَثِّرَ في يقينهم وإيمانهم، وهم لا يحتاجون بعدُ حتى إلى جوابٍ عن تلك الشبهات.
والإسلام لم يَنتشرْ بين الناس بحدِّ السيف -كما يُروِّجُ لذلك مَن يُروِّجُ له-، وإنما انتَشر بين الناس لمَا حواه من الحقِّ الذي لا تَملِكُ معه النفوسُ السوية والقلوبُ السليمةُ إلاَّ التسليمَ والإذعانَ والقبولَ به عن رضًا واختيار، وإلاَّ فلْيقلْ لنا هؤلاء: كيف آمَن أبو بكر - رضي الله عنه - وغيرُه من سادات المسلمين؟ بل لِيَقُلْ لنا هؤلاء: كيف آمنَ النجاشي مَلِكُ الحبشةِ في زمنِ البعثة، قَبلَ أن يُفرَضَ الجهادُ وهو في بُقعةٍ بعيدةٍ من الأرض لا تنالُه فيها جيوشُ المسلمين ولا سيوفُهم؟ بل كيف آمَنَ عبدُ الله بنُ سلام الحَبرُ اليهوديُّ مع مَقْدَمِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينةِ بمجردِ رؤيتهِ ومعرفتهِ بالعلاماتِ التي دَلَّ عليها كتابُهم، وغيرُ هؤلاء من كبارِ القومِ الذين دَفَعهم ما في الإسلام من براهينَ قطعيةٍ على صِدقِ الرسول - صلى الله عليه وسلم - وعلى صوابِ ما جاء به إلى الإيمانِ به والدعوةِ إليه، وليكونوا من جُنوده الأوفياء؟.
إن الإسلامَ لم تكن منه حربٌ واحدةٌ من أجل استعبادِ الناسِ وسَرِقَةِ خيراتهم واحتلالِ بلادهم، وإنما كان الجهادُ فيه من أجلِ إعلاءِ كلمةِ الله