تعالى ولإخراجِ الناسِ من ظُلمةِ الجهالةِ إلى نورِ الحقِّ واليقين، وقد تَجشَّم المسلمون في سبيلِ هدايةِ الناسِ وإخراجِهم من الظلماتِ إلى النورِ الكثيرَ من الصِّعاب؛ فما أحسَنَ أثَرَهم على الناس، وأقبَحَ أثرَ الناس عليهم!.
إن جيوشَ المسلمين -التي كانت تَخرجُ في سبيل الله- كانت تخرجُ لإخراج العِبادِ من عِبادةِ العبادِ إلى عِبادة ربِّ العباد، ومن جَورِ الأنظمةِ القائمةِ إلى عَدلِ الإسلام؛ فلم تؤمنْ بلدةٌ أو مَحِلَّةَ وكانت من المسلمين إلاَّ كان لها ما للمسلمين، وعليها ما على المسلمين دون أدنى فرقٍ، بل كان المسلمون يولُّون على أهلِ الأرض المفتوحة أمراءَهم الذين كانوا عليهم قبلَ دخولِ الإسلام، فلم يكن جهادُ المسلمين لاستعبادِ الناسِ، أو العلوِّ بالباطل عليهم، أو سرقةِ خيَراتِ بلادهم.
° أخرج البخاري في "صحيحه" أن مَيْمُونَ بن سِيَاه سأل أنس بن مالكٍ قال: "يا أبا حمزةَ، ما يُحرِّمُ دم العبدِ ومالَه؟ فقال: من شَهِد أن لا إله إلاَّ اللهُ، واستقبَلَ قِبلتَنَا، وصلَّى صلاتَنَا، وأكلَ ذَبِيحتَنَا فهو المسلمُ، له ما للمُسلم، وعليهِ ما على المُسلم".
لِيَقُلْ لنا كبيرُ النصارى -ومَن سار على طريقه-: أيُّ معركةٍ قام بها أتباعُه من أجل إقامةِ حقٍّ أو دفع باطل؟ ولْيَقُلْ لنا: ما المُسوِّغُ الذي استباحت فيه النصرانيةُ قَتلَ مئاتِ الآلاف من اليابانيين بالأسلحةِ التي يَسْعَون لحرمانِ مُخالِفيهم منها؟ وما المُسوِّغُ الذي استباحت به النصرانيةُ قَتلَ الهنودِ الحُمْرِ أصحابِ البلادِ الأصليين والاستيلاء على بلادِهم وديارِهم وأراضيهم وسَلْخِهم كما تُسلَخُ الشاةُ وهم أحياء؟ بل ما المُسوِّغُ الذي استَباحت به النصرانيةُ طَرْدَ شعبِ فِلسطينَ من أرضِه وإعطاءَ دُورهم