على التقرُّبِ من كبيرِ رُعاةِ البقر، وإظهارِ المودَّةِ له، وعدم إغضابه -ولو على حساب دينِهم وأوطانِهم وشعوبِهم-؟
هل أظهَرَ ذلك لأنه رأى مِن كثير مِن علماء الدين التهالُكَ على حُطامِ الدنيا ومتابعة -السياسيين في بلادِهم وتسويغَ كل تَصرُّفاتهم؟
وهل أظهَرَ ذلك؛ لأنه رأى ضَعْفَ الشعوبِ وعَدَمَ قدرتِها على الاستمرارِ في عمل يُهدِّد النصارى أو يُضيِّقُ عليهم؟ فهذه المقاطعاتُ الشعبيةُ لا تَلبثُ أن يَخْمَدَ لَهيبُها بالالتفافِ عليها من قِبَل بعضِ الناسِ، حتى تُصبحَ المقاطعاتُ غيرَ ذاتِ جدوى.
وهل أظهر ذلك لأنهم عَلِموا أن القوةَ الماديةَ التي تَحسِمُ كثيرًا من نتائج الحروب صاروا هم صُنَّاعَها والمالكين لتقنِيَتِها، وأن المسلمين ليس عندهم من وسائِلها إلا ما يشترونه من دُولِ الكفر، وأن الأسلحةَ التي تشتريها دولُ المسلمين ليست للدفاع عن العقيدة، وإنما للدفاع عن كراسيِّ الحكم المهزوزةِ في كثيرٍ من البلدان؟.
إذا كان السببُ هو أحدَ هذه الأسبابِ المتقدمةِ أو كلَّها مجتمعةً، أو غيرَ ذلك من الأسباب، فإننا -بمجموع الأمة- مدعوُّون بكل قوةٍ إلى الثبات على دينِنا والمحافظةِ عليه والرد على الطاعنين فيه، وتأديبِهمُ التأديبَ اللائقَ المُوجعَ الذي يَعلمون به أن الطعنَ في الإسلام ليس مجردَ نزهةٍ فكرية.
إن طَلَبَ الاعتذارِ ممن يَسُبُّ دينَنا ورسولَنا - صلى الله عليه وسلم - في ظِل ضَعْفِنا وتخاذلِنا عن نُصرةِ دينِنا، لا يَعدُو أن يكونَ مُجردَ استعطافٍ لهم، وهل يكفي في هذا اعتذارٌ حتى لو فعلوه؟ إن مَن لا يَملِكُ القدرةَ على العقاب، فكيف يَعتذرُ له اللئامُ عن خطيئاتهم؟.