من المحتَمَل أن الإمبراطورَ نفسَه هو مَن رَتَّب هذا الحوارَ خلالَ فترةِ حصارِ القسطنطينية بين عامَي ١٣٩٤ م و ١٤٠٢ م، ولعل ذلك ما يُفسَّرُ أن نقاطَ الإمبراطور كانتَ أكثرَ تفصيلاً من ردودِ المثقَّفِ الفارسي، لقد دار الحوارُ بتوسُّع حولَ أُسسِ الإيمانِ في كل من الإنجيل والقرآن، وتَرَكَّز خاصةً حولَ صورةِ الإلهِ وصورةِ الإنسان، مع العَودةِ بشكلٍ متكرِّرٍ إلى العلاقةِ بين "كتب التشريعات الثلاثة": العهد القديم، والعهد الجديد، والقرآن.
قال البابا:"إنني في هذه المحاضرة أودُّ أن أناقشَ نقطةً واحدة -قد تكونُ هامشيةً بالنسبة إلى ذلك الحوارِ نفسه- ولكنني وجدتُها بالنسبة إلى موضوع "الإيمان والمنطق" مثيرةً للاهتمام، ويمكنُ أن تُفيدَ كنقطةِ بدايةٍ لتامُّلاتي حول هذا الموضوع.
ففي النقاشِ السابع والذي حَرَّره البروفيسور "خوري"، يُناقشُ الإمبراطورُ فِكرةَ "الجهاد" (الحرب المقدسة). لا بد أن الإمبراطورَ كان يعرفُ سورة البقرة التي تنصُّ على:{لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}، إنها واحدةٌ من سُور الفترة الأولى [من الرسالة] عندما كان محمد بلا قوَّةٍ وتحتَ التهديد، ولكنْ من الطبيعيِّ أن الإمبراطورَ أيضًا كان يعرفُ التعاليمَ التي تكوَّنت فيما بعدُ، والتي دُوَّنت في القرآنِ بخصوصِ الحربِ المقدسة.
وبدون الانزلاقِ إلى التفصيلاتِ -مثل اختلافِ المعاملةِ الذي مُنح لـ "أهل الكتاب" عن "الكفار"-، فقد واجَهَ الإمبراطورُ مُحاوِرَه بأسلوبٍ مباشر وجافًّ -إلى حدًّ ما- حولَ السؤالِ المِحوريَّ عن العلاقةِ بين الدين