للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبين العنفِ بوجهٍ عامًّ من خلالِ هذه العبارات، وأنا أنقلُها هنا: "أرِني ماذا قدَّم محمدٌ من جديد، سوف لن تَجِدَ إلاَّ أمورًا شيطانيةً وغيرَ إنسانية، مِثلَ أوامرِه التي دعا إليها بنَشرِ الإيمانِ عن طريقِ السيف" .. واستمر الإمبراطورُ يَشرحُ بالتفصيل كيف أن نَشْرَ الإيمانِ من خلالِ العنفِ أمرٌ غيرُ منطقيٍّ، إن العنفَ لا يَتناسبُ مع طبيعةِ الإله وكذلك طبيعةِ الروح، ويقول [الإمبراطور]: "إن الإلهَ لا يَفرحُ بإراقةِ الدماء، والتصرفُ بشكلٍ غيرِ منطقيًّ هو مخالفٌ لطبيعةِ الإله إن الإيمانَ يُولَدُ من الروح، وليس من الجسد، إن مَن يدعو شخصًا ما إلى الإيمانِ يَحتاجُ إلى القُدرةِ على الحديثِ الجيَّدِ والتفكيرِ المنطقيَّ المقبولِ دون عنفٍ أو تهديدات .. لكي تُقنعَ نفسًا عاقلةً، لا يحتاجُ الشخصُ إلى ذراع قوية، أو سلاح من أيِّ نوعٍ، أو أيِّ وسيلةٍ أخرى لتهديدِ شخصٍ ما بالموت .. ".

إن الفكرةَ الغالبةَ في هذا الحوارِ ضدَّ التحوُّلِ [إلى دين ما] بالعُنف هي التالي: إن عدمَ التصرفِ طبقًا للمنطقِ أمرٌ مخالفٌ لطبيعةِ الإله، ويلاحِظُ محرِّرُ الكتاب "تيودور خوري": بالنسبةِ للإمبراطورِ البيزنطي الذي تَشكَّل فِكرُه من خلالِ الفلسفةِ اليونانيةِ، فإن هذه العبارةَ تُدلِّلُ على نفسِها، أما بالنسبةِ للتعاليمِ المُسلمِة، فإن الإلهَ "لا محدود"، إن إرادتَه لا تَحُدُّها أيٌّ من تقسيماتنا، حتى فيما يَتعلَّقُ بممارسةِ المنطق، ويَنقُل هنا "خوري" عن الكاتب الفرنسي المهتمَّ بالإسلام "أر. أرنالدز" إشارتَه إلى أن ابنَ حزمٍ قد وَصَل إلى درجةِ القول: إن الإلَهَ لا تَلزمُه حتى وُعودُه هو، وليس هناك ما يُجبِرُه أن يُوضِّحَ لنا الحقيقة، وإذا شاء الإلهُ، فيمكنُ أن نجبَرَ على ممارسة

<<  <  ج: ص:  >  >>