للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومشيئته أن يكونَ لكلِّ نبيٍّ عدوٌّ من هؤلاء .. {فَذَرْهُمْ}، أي: فدعهم .. {وَمَما يَفْتَرُونَ}، أي: يكذبون .. أي: دعْ أذاهم، وتوكَّلْ على اللَّه في عداوتِهِم، فإنَّ الله كافيك وناصرُك عليهم.

* وقال تعالى: {وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ}، أي: ولتميلَ إليه .. قال ابن عباس: {أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ}، أي: قلوبُهم وعقولُهم وأسماعُهم .. وقال السُّدِّيُّ: قلوبُ الكافرين. {وَلِيَرْضَوْهُ}، أي: يحبوه ويريدوه، وإنما يستجيبُ لذلك مَن لا يؤمن بالآخرة.

وقوله: {وَلِيَقْتَرِفُوا هَما هُم مُّقْتَرِفُونَ}، قال عليُّ بن أبي طلحة عن ابن عباس: وليكتسِبوا ما هم مكتسبون" (١).

° وقال ابن القيم: "ذكر سبحانه أنهم يستعينون على مخالفةِ أمرِ الأنبياء بما يُزخرفه بعضُهم لبعضٍ من القول، فيغترُّ به الأغمارُ وضُعفاء العقول، فذكر السببَ الفاعلَ والقابلَ، ثم ذَكر سبحانه انفعالَ هذه النفوسِ الجاهلةِ به، بصَغْوها ومَيلِها إليه، ورضاها به لِمَا كُسِي من الزخرفِ الذي يَغرُّ السامعَ، فلما أصغَتْ إليه ورَضِيَتْه اقترفت ما تدعو إليه من الباطل قوْلاً وعملاً، فتأمل هذه الآياتِ وما تحتها من هذا المعنى العظيم القَدْرِ، الذي فيه بيان أصولِ الباطل، والتنبيهُ على مواقع الحذرِ منها، وعدم الاغترار بها، وإذا تأمَّلت مقالاتِ أهل الباطل، رأيتَهم قد كَسَوها من العبارات وتخيَّروا لها من الألفاظ الرائقة، ما يُسرعُ إلى قبوله كلّ مَن ليس له بصيرةٌ نافذة .. وأكثر الخلق كذلك، حتى إنَّ الفجار ليُسمُّون أعظمَ أنواع الفجورِ بأسماءَ لا


(١) "تفسير ابن كثير".

<<  <  ج: ص:  >  >>