إن بليَّتنا الكبرى في مِثل "عبده خال" ومَن حذا حَذْوَه من الكُتَّاب الذين لم يُدركوا أنهم يُصادِمون صَخرةَ الإسلام، الذي أعيا المَناطقةَ والفلاسفة، ووَجدوا فيه توافقًا بين العقل والنقل، وتمازُجًا بين الرُّوح والمادةِ في تعاليمه، وشموليةً من غيرِ تناقض، فلم يَجِدوا إلاَّ المُخاتلةَ بالألفاظ، والتعميمَ في الأحكام، بمثل قولهم:"إن الإسلامَ انتشر بالسيف، وإنه لا يَقبلُ تطبيقَ العقل في النص، ولا أدري أين هو تراثُ المسلمين الذين جَعلوا للعقل مكانتَه الحقيقيةَ من غيرِ إفراطٍ ولا تفريط، وأين هي قراءةُ منهجِ المحدِّثين في نَقدِ مُتونِ السُّنة، وأين هي القواعدُ العقليةُ التي قَعَّدها علماءُ المسلمين على مَدارِ التاريخ، وأين هي حركةُ الفقه الكبيرة والاجتهادِ في أبوابِ العلِم والمعاملات، في تراثٍ لم تَعرِفِ البشريةُ مِثلَه؟ وأين هو عن مدوَّناتِ الفقهِ التي لم تتركْ شاردةً ولا واردةً إلاَّ وذَكرت لها حُكمًا، وأين هو عن "منهج القرآن" الذي دَلَّل على قضايا الاعتقاد والغَيبِ والنبوة والألوهية بأدلةٍ عقلية، وأثنى على أهل العقولِ، وأشادَ بهم في مواضعَ كثيرةٍ .. وكثيرةٍ جدًّا!.
إن خُذلانَ الإسلامِ يأتي من دعاةٍ على أبوابِ جهنم، هم أشدُّ فَتكًا به من "بابا الفاتيكان" الذي أخرج خَبيئةَ نفسِه، ثم جَعَلها أسئلةً مشروعة تحتاجُ لإِجابات .. فإنْ كان بابا الفاتيكان قد عاش في كنيستِه وصَومعتِه بين كتبٍ لا تساوي خُروج الحمير، فكيف بمَن تربَّى حولَ البيتِ العتيق، ورَضَع مِن منهجِ الإسلام، ثم ينقلبُ عليه ويَلمِزُه -ولا إخالُه- إلا خاليًا من كل شيمةٍ وعِلمٍ وعقل .. والله المستعان!.