والفضَّة، أو آنيةٌ، أو آلةٌ نافعةٌ للحياة، فإنَّ الخَبَثَ يطفو وقد يَحجُبَ المعدِنَ الأصيل، ولكنه بَعْدُ خَبَثٌ يَذهبُ ويبقى العدن في نقاء.
ذلك مَثَلُ الحق والباطل في هذه الحياة، فالباطلُ يطفو ويعلو ويَنتفخُ ويبدو رابيًا طافيًا، ولكنه بَعْد زبدٌ أوْ خَبَث، ما يَلبثُ أن يذهبَ جُفاء مطروحًا لا حقيقةَ له ولا تماسُك فيه .. والحق يظل هادئًا ساكنًا، وربما يَحسبه بعضهم قد انزوى، أو غار، أو ضاع، أو مات، ولكنه هو الباقي في الأرض كالماءِ المحيي والمعدِن الصريح.
إن الكلمةَ الطيِّبة -كلمةَ الحق- كالشجرة الطيبة .. ثابتةٌ سامقةٌ مثمرة .. ثابتةٌ لا تزعزغها الأعاصير، ولا تعصِفُ بها رياحُ الباطل، ولا تقوى عليها مَعاولُ الطغيان، سامقةٌ متعالية، تطِلّ على الشرِّ والظُّلم والطغيان مِن عَلٍ وإنْ خُيِّل إلى البعض أحيانًا أن الشر يَزْحَمها في الفضاء، مثمرةٌ لا ينقطعُ ثمرُها؛ لأن بُذورَها تَنبتُ في النفوس المتكاثرة آنًا بعد آن.
وإنَّ الكلمةَ الخبيثةَ -كلمةَ الباطل- كالشجرة الخبيثة، قد تَهيجُ وتتعالى وتتشابك، ويخيَّلُ إلى بعضِ الناس أنها أضخمُ من الشجرة الطيبة وأقوى، ولكنها تظلُّ نافشةً هشَّةً، وتظل جذورها في التربة قريبةً حتى لكأنها على وجهِ الأرض .. وما هي إلاَّ فترةٌ ثم تُجتَثُّ من فوقِ الأرض، فلا قرار لها