في أنينٍ:"كانت ابنتي بجانبي طوالَ الوقت فأين ذهبت .. أين ذهبت؟ ".
° في ذلك الصباح أُصيبت "مدينا" عندما خرجت من مخبئها تُحضِّرُ بعضَ مياهٍ للشرب، تقول أمها:"توقفَتِ الغارةُ ذلك الصباح، وظننَّا أن هذا كان نهايةَ الهجوم فخَرَجْنا، وعندئذٍ استأنف الروسُ غاراتِهم من جديد، وكان منزلُنا أولَ منزلٍ تُصيبُه القذائف .. استعنت بجارٍ لنا، حَمَلناها في سيارته، وذهبنا نبحثُ عن مستشفى، ولكنَّ الطائراتِ كانت تَقصِفُ طريقَنا والسيارةُ تسيرُ بسرعةٍ كبيرةٍ، وظننا أن نهايتنا قد اقتربت".
° يتذكرُ أهالي قرية "سامشكي" المتقدمون في العُمر أنها كانت قريةً جميلةً آمنةً ترقدُ في أحضانِ النهرِ وتمتلئُ حقولُها بأشجارِ التفاح، أما اللاجؤون العائدون منها حديثًا، فإنهم يقولون:"إنها أبشعُ الأماكنِ وأكثرُها خرابًا"، ويقول أحدُهم واسمه "حسبو اللاطوف"، عمره ٦٣ سنة، رَحَل منها الأسبوع الماضي:"الذين قرَّروا البقاءَ في القرية يلاقُون أسوأَ معاملةٍ وأقسى اضطهادٍ من الجُنود الروس، فهؤلاء الجنودُ لديهم تعليماتٌ لتطهيرِ القريةِ من سكانها .. إنهم يُفتِّشون البيوتَ كل يوم، ويقرؤون كل ورقةٍ فيها بحُجةِ البحثِ عن أسلحةٍ، ويَقتحِمون البيوت المهجورة، فيَسرقون كل ما فيها لا يتركون شيئًا من الدقيقِ أو الأجهزة الكهربائية .. حتى لَعبِ الأطفال".
سكانُ قرية "سامشكي" عشرةُ آلافٍ، هَرَب نصفُهم لاجئين، وأما الباقي، فبعضُهم من كبارِ السنِّ أقعَدَهم العجزُ، والآخرون فضَّلوا البقاء في وطنهم مع خطرِ الموت على عذابِ اللجوء والتشرد.