المحمَّدية، ليست هي إدخالَ المسلمين في المسيحية، فإنَّ في هذا هدايةً لهم وتكريمًا، وإنَّما مهمتكم أن تخرجوا المسلمَ من الإسلام، ليصبحَ مخلوقًا لا صِلةَ له بالله، وبالتالي فلا صِلةَ تَربِطه بالأخلاق التي تعتمدُ عليها الأممِ في حياتها، وبذلك تكونون أنتم بعَمَلكم هذا طليعةَ الفتح الاستعماري في الممالك الإسلامية، وهذا ما قمتم به خلالَ الأعوام المئةِ السالفةِ خيرَ قيام، وهذا ما أُهنِّؤُكم عليه، وتُهنِّؤُكم دول المسيحيةِ والمسيحيون جميعًا عليه كلَّ التهنئة.
لقد قَبَضنا -أيها الإخوان- في هذه الحِقبةِ من الدهر مِن ثُلُثِ القَرنِ التاسعَ عَشَرَ إلى يومِنا هذا على جميع برامج التعليم في الممالكِ الإسلامية، ونَشَرنا في تلك الربوع مكامِنَ التبشير، والكنائسِ، والجمعياتِ، والمدارسِ المسيحيةِ الكثيرةِ التي تهيمن عليها الدولُ الأوربيةُ والأمريكية، والفضلُ إليكم وحدَكم أيها الزملاء.
إنكم أعددتُم له بوسائِلِكم جميعَ العقولِ في الممالكِ الإسلامية إلى قبولِ السير في الطريقِ الذي مَهَّدتم له كل التمهيد.
إنكم أعددتم شبابًا في ديار المسلمين لا يعرفُ الصِّلةَ بالله، ولا يريدُ أن يَعرِفَها، وأخرجتم المسلمَ من الإسلام، ولم تدخلوه في المسيحية، وبالتالي جاء النشء الإسلاميُّ طبقًا لما أراده له الاستعمارُ، لا يَهتمُّ للعظائم، ويحبُّ الراحةَ والكسل، ولا يُصرِّفُ هَمَّه في دنياه إلاَّ في الشهوات، فإذا تَعلَّم فللشهوات، وإذا جَمَع المال فللشهوات، وإن تَبوأَ أسمى المراكزِ فللشهوات، ففي سبيل الشهوات يجودُ بكلّ شيء.