للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الوثنية، وتبليغُ الوحي الذي جَدَّد الدينَ الحقيقي والشريعةَ الإلهية، وكان هذا ما فَعله محمدٌ أثناءَ حياته، وعند موته عام ١١ هـ - ٦٣٢ م كانت إرادةُ الله قد أَوحى بها كاملةً إلى البشرية، ولن يكون بعد ذلك نبيٌّ أو وحيٌ آخَر.

وإذا كانت المهمةُ الروحيةُ قد انتَهت، فلا تزالُ هناك مهمةٌ دينيةٌ أخرى يجبُ تحقيقُها، ألَا وهي الحِفاط على الشريعةِ الإلهيةِ، والدفاعُ عنها، وإخضاعُ بقيةِ البشريةِ إلى الدين (١)، ولقد تَطلَّب إنجاز مِثل هذا العمل ممارسةَ قوةٍ سياسيةٍ وعسكرية، أو باختصارٍ ممارسةَ سيادةٍ داخلَ دولة (٢).

ويزعَمُ أحيانًا أن الدينَ الإسلامي قد فرض بالقوة؛ لكنَّ هذا القولَ غيرُ صحيح -ولو أن عملياتِ الفتح قد ساهمت إلى حدٍّ كبير في امتداد الإسلام والعروبة-، فبعد وفاةِ النبي بقرن، وفي إمبراطوريةٍ واسعةٍ يحكمُها وَرَثةُ محمدٍ، وتَضمُّ العديدَ من الأقطارِ والشعوب، كان الإسلامُ هو الدينَ السائدَ، وكانت اللغة العربيةُ تَحل سريعًا مَحل اللغاتِ الأخرى، وَتفرِضُ نفسَها، وخاصةً في الإدارة والتجارة والتعليم.

لقد قامت حضارةٌ أصيلةٌ مستوحاةٌ من العقيدة الإسلامية، ومتمتعة بحمايةِ الدولةِ الإسلامية، ومدعمة بثَراءِ اللغة العربية، حضارة تنمو وتتَسعُ


(١) - L' accomplissement d'une telle tache exigeait l'exercice d'une pou- voir politique et militaire - en un mot، d'un mot، d'une souverainete- au sein d'un Etat.
(٢) - On Pretend parfois que la religion islamaique s'est imposee par la force. Cela est inexact.

<<  <  ج: ص:  >  >>