للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المؤمنين، لقد عَلَّم يسوغ المسيحيين أن يُعطوا لقيصرَ ما لقيصر، وأن يُعطوا لله ما لله، وخلالَ ثلاثةِ قرونٍ من الصراعات والاضطهادات، تَوطَّد بصلابةٍ هذا الفَصلُ بين السلطتينِ الدينيةِ والزمنيةِ في العقيدة المسيحية وممارستها، ولقد أقامت الديانةُ المسيحيةُ مؤسساتِها المنفصلةَ عن مؤسساتِ الدولة، إذ أقامت الكنيسةَ وطبقةَ الكهنوت المسيحي.

ولقد حَدَث التغييرُ الكبيرُ مع تحوُّلِ الإمبراطور الروماني "قسطنطين" إلى المسيحية، وابتداءِ علاقاتٍ سيئةٍ في صَدرِ المسيحيةِ بين الكنيسة والدولة (١).

إن هذا الفَصلَ بين السُّلطتَين (الدينية والزمنية) غيرُ موجودٍ على الإطلاق في الإسلام، كما أن هناك زَوجَينِ من الكلماتِ مثل: "دنيويٌّ نجِسٌ، وديني"، "رُوحيٌّ، وزمني"، لا يوجَد لهما مكافيءٌ في العربية الفصحى، وفي "روما" كان "قيصر" هو الله، وفي المسيحية تقاسَمَ قيصرُ واللهُ المسيحيةَ، أما في الإسلام، فاللهُ هو قيصر.

وعندما مات محمد، كانت بَعثتُه الروحيةُ والنبويةُ قد اكتملت، وكانت مُهمتُه -التي حَددها الله- هي: استعادةُ التوحيدِ الحقيقيِّ الذي علَّمه الأنبياءُ السابقون -لكنه ما لَبِث أن تَعرَّض للتحريفِ والفساد-، ثم القضاءُ


(١) cette separation de deux pouvoirs n'existe nullement dans L'Islam; d'ailleurs، des couples de mots tels que "profance et religieux"،"spirituel et temporel" n'ont pas d'equivalents en arabe classique. A Rome، Cesar Etait Dieu; dans la chretiente، Diue et Cesar se partageaient le pouvoir. Dans L'Islam، diue est Cesar.

<<  <  ج: ص:  >  >>