للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليه كشخصيةٍ تاريخيةٍ عظيمةٍ، فمن المؤكَّد أننا سنراه من أعظمِ العباقرةِ الذين عَرَفهم التاريخ؛ ولكي نُوفِّيَ عبقريتَه حقَّها، علينا أن ندرُسَ المجتمعَ الذي وُلد فيه، والقُوى التى كان عليه أن يدخلَ معها في صِراع، فقد كان اليهودُ يؤمنون بإلهٍ واحد "يهوه"، لكنهم كانوا يعتقِدون في وجودِ آلهةٍ آخرى، والوصايا العشرُ في التوراة تعترفُ ضِمنًا بوجودِ آلهةٍ أخرى يعبدونها، مِثلِ الوصية التي تقول: "لا يكنْ لك آلهةٌ أُخرى أمامي"، ولم تتحقَّقِ الوحدانيةُ في اليهودية إلاَّ على يد "إشعيا الثاني" بعد ٧٠٠ سنةٍ من خروج الإِسرائيليين من مصرَ عام ١٢٥٠ قبل الميلاد .. أما محمدٌ - صلى الله عليه وسلم -، فقد انطلق ليجعلَ العرَبَ يؤمنون بالتوحيدِ في فترةٍ لا تتعدَّى ٢٣ عامًا، وهذه عمليةٌ صعبةٌ تتطلَّبُ تغييرَ الوعي الإنسانيِّ نفسه".

° وتقف"كارين أرمسترونج" عند مسألةٍ حسَّاسةٍ في السِّيرة النبوية، عندما حاوَلَتْ فهم الآيات: {وَإن كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَينَا غَيْرَهُ وَإِذًا لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً (٧٣) وَلَوْلا أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً (٧٤) إِذًا لأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَماتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا} [الإِسراء: ٧٣ - ٧٥].

° فتقول: "إن الدارِسينَ في الغرب يَفترِضون أن تلك الآيةَ تشيرُ إلى حادثةِ ما يُدعى "آيات شيطانية" يدَّعون بها أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - قَدَّم تنازلاتٍ مؤقَّتةً للمشركين، والقصةُ -كما في "طبقاتِ ابن سعدٍ" و"تاريخ الطبري"- أن الشيطانَ تدخَّل في إحدى المناسبات، وتقول المأثورات: إن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - أثناءَ تلقيه سورة "النجم" شَعُر بإيحاءٍ أن ينطقَ بآيتين تقولانِ: إن الآلهةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>