الثلاثَ "أللات وألعُزَّى ومناة" من الممكن أن يكنَّ وسيطاتٍ بين الله والبشر، وبما أن قريشًا كانت تعتقدُ أنهن "بناتُ الله"، وأنهن مقدَّسات، فقد ظنُّوأ خطأَ أن القرآنُ قد وَضع هذه الآلهةَ في منزلةٍ واحدةٍ مع الله، واعتقادًا منهم أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - قد تَقبَّل آلهتَهم سَجَدت قريشٌ لتؤدِّيَ الصلاةَ مع المسلمين، وبدا وكأنَّ الخِلافَ قد انتهى، وتقول القصة:"إنَّ محمدًا - صلى الله عليه وسلم - تلقَّى الوَحىَ الإلهيَّ بأن قَبولَه الظاهريَّ لهذه الآلهةِ كان وحيًا من الشيطان، وبِناءً على ذلك حُذفت الآيتانِ من القرآن، واستُبدلتا بآياتٍ أخرى تَلعنُ الآلهةَ الثلاث"!! ".
° وتُعلَّق "كارين أرمسترونج" على هذه الرواية التي يُروِّجُ لها كثيرٌ من الغربيين فتقول: "إن هذه القصةَ غيرُ صحيحةٍ ومشكوكٌ في صحَّتِها لدى المسلمين، ولا توجدُ إشارةٌ واضحةٌ إليها في القرآن، وفي التسجيل المبكِّرِ للسيرةِ "في سيرة ابن إسحاق" لا توجدُ أيَّةُ إشارةٍ إلى هذه الواقعة، كما أنها لم تُذكر في مجموعاتِ الأحاديثِ الكييرةِ التي جَمَعها البخاريُّ ومسلمٌ في القرنِ التاسع الميلادى، وحينما يَرفضُ المسلمون شيئًا من التراث، فإنهم لا يفعلون ذلك بدافعِ احتمال التأويلاتِ النقديَّةِ لِمَا يرفُضون، لكنْ لعدم كفايةِ الأدلة، ومع ذلك فإنَّ أعداءَ الإسلام في الغرب -كما تقول- رَأَوا في هذه القصةِ مناسبةً كي يُشككوا في محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، وليقولوا: كيف لرجلٍ قام بتغييرِ الكلماتِ السماويةِ طِبقًا لِمَا ارتآه أن يكون نبيًّا؟ وعلى رغمِ ذلك فقد حاول باحثون -مِثلُ ماكسيم رودنسون، ومنتجومري- مؤخَّرًا أن يُبرهنوا على أنَّ القصةَ في صياغتِها لا تَحتملُ تأويلاً سلبيًّا، ولكنَّ هذه القصةُ التي لم يَهتمَّ