وصلت هذه المَوجةُ أيضًا إلى الولاياتِ المتحدة وآسيا الوسطى .. وهكذا فإنَّ هناك صورةً جديدةً للإِسلام بدأت في الظهور تُكمِلُ نَهضَته وتَفتُّحَه حتى في البلادِ التي تَسُودُها الضغوطُ السوفيتية، وعندما تتفجَّرُ هذه الآفاق سيظهرُ للعالَم أنَّ الإسلامَ حيٌّ يستطيعُ مواجهةَ تحدياتِ القرن، كما استجاب في الماضي لمتطلَّباتِ عصورٍ ومجتمعاتٍ عديدة".
وانتشارُ الإِسلام- في رأي جارودي- هو ردُّ فعلٍ لطغيانِ الغرب .. فالغربُ يسيطرُ على العالم بدونِ شريكٍ منذ خمسةِ قرون، وفَرَض نموذجَه الحضاريَّ والثقافي، والنموذجُ الغربيُّ للتنميةِ قائمٌ على نَهبِ الثرْواتِ المادية البشريةِ التي تمتلكُها الشعوبُ الأخرى، مع أن شعوبَ الغربِ تعادِلُ خُمْسَ سُكَّانِ الكرةِ الأرضية فقط، والغربُ يُنتجُ أيَّ شيء بكمياتٍ كبيرة، سواءٌ كانت مفيدةً أم ضارةً أم قاتلةً، مثلَ الأسلحةِ المدمِّرة التي تُعدُّ سُوقًا رائجةً يعتمدُ عليها الغربُ في تحقيق الرخاء الذي يَنعَمُ به حاليًا.
وذلك النموذجُ المخيفُ للتنميةِ يَكشفُ طبيعتَه الانتحارية، ففي عام ١٩٨٢ مثلاً بَلَغ الإنفاقُ على الأسلحة ٦٥٠ مليار دولار، وكان لكلِّ فردٍ في العالَم ما يُوازِي أربعةَ أطنانٍ من المتفجِّرات التقليدية، وأصبح مِن الممكن نظريًّا تدميرُ كلِّ أثرٍ للحياة في هذه الأرض، وذلك الاحتمالُ -وإن كان بعيدَ الوقوع- إلاَّ أنه يَحدُثُ لأولِ مرةٍ في تاريخ البشرية، أي منذ ثلاثةِ ملايين سنةٍ على الأقل! بينما تشيرُ إحصاءاتُ الأممِ المتحدة عن نفسِ العام (١٩٨٢) إلى أن الذين ماتوا جُوعًا بلغوا ٥٠ مليونَ إنسانٍ في العالم الثالث، ولا يمكنُ تخيُّلُ صورةٍ أبشعَ من هذه الصورة التي وَصل إليه العالَمُ بعد خمسةِ قرونٍ من الحضارة والتقدُّم -كما يقولون في الغرب-.