في نفوسِ القبائل، بعدَ أن أنهَكَها القتالُ في قتالِ الصحراء، وتناحَرَ ملوكُها في الشامِ والعراقِ تناحُرًا طالَ أَمَدَ الحمايةِ الرومانية والفارسية في البلدَين العربيِّينِ الشقيقَينِ حتى الفتح الإسلاميِّ، فمن الخَطَل أن تُنكرَ ما للرسولِ العربيِّ الكريم وخُلفائِه من يدٍ على الشرق في إثارةِ تلكِ الحَمَاسةِ والبطولةِ النادرةِ المتدفِّقةِ في صُدورِ أولئك النَّفَر الميامين -الذين كانوا قابِعين في حُزونِ الجزيرة وبِطاحها- في سبيلِ الفتح، والمنافحةِ لتحرير الشرقِ من رِقِّ الرومان وأسرِ الفرس.
إن سيدَ قريشٍ هو المُنقذُ الأكبرُ للعرب مِن فَوضى الجاهلية، وواضعُ حَجَر الزاويةِ في صَرحِ نَهضتِهم الجبارةِ المتأصِّلةِ في تُربةِ الخلود، ولقد بَنيتُ قصيدتي الآتية، وحَذَوتُ فيها حَذْوَ "البردة" في مناجاةِ رسولِ العرب وحارسِ العرب "بالمصحف الخالد الآيات والكلم"، وإذا حُقَّ لأولئك الأعلام -وهم من حُماةِ الإِسلام- إطلاقُ اسم "البردة النبوية" على قصائدهم، فقد حُقَّ لي -وأنا من شباب العرب المنادين في سبيل الجامعة القومية- أن أُطلِقَ على قصيدتي اسمَ "البردة العربية"، وأصُبَّ حِمَمِها على المستعمِرين الطغاة.
° وإذا كان فقيدُ الإسلام محمد علي يقول:"الإسلامُ أولاً والهندُ ثانيًا"، فأنا أقول: إن مسيحيَّتي لا تَحُولُ ولن تحولَ دونَ وقفٍ يُراعي على خدمةِ أمتي وتَضحيتي في سبيلِ استقلالها، كما أن عروبتي لا تحولُ ولن تحولَ دون قيامِي بشعائِرِي الدينية، وهذه قصيدتي: