° يقول "مارسيل بوازار" في كتابه " الجوانب الإنسانية في الإسلام"(١): "الإسلامُ دينٌ وحضارة .. لا شك في أن الوحيَ الدينيَّ قد ظَهر في منطقةِ الشرقِ الأوسط، مَهْدِ دياناتِ التوحيدِ الثلاث، ولعل الإسلامَ يُعتبرُ هو التجلِّيَ الأخيرَ والأكملَ للحضارةِ في هذه المنطقةِ من العالم، ولقد نَفَذَت أفكارُه إلى أوربا، وآسيا باللغة العربية، عبرَ البحرِ الأبيضِ المتوسطِ وفوقَ جبالِ البرانس.
والإسلاُم باعتبارهِ دينًا -وِفقَ المعاني الاشتقاقيةِ الثلاثِ لكلمةِ الدين في اللغة الفرنسية-، فإنه يَقتضي -من ناحيةٍ - اختيارًا تطوّعيًّا، أو اختيارًا حرًّا بالخضوعِ إلى شريعةٍ وإلى قواعدَ للأخلاق، وممارسةِ الشعائرِ، كما يستلزمُ -من ناحيةٍ أخرى- تصنيفَ تراثٍ إنسانيٍّ خاصٍّ والحفاظَ عليه.
وأخيرًا -وعلى وجهِ الخصوص-، فإنَّه يُحدِّدُ وَضْعَ المؤمنِ أمامَ القيوم، وكذلك علاقاتِ التضامنِ بين الناس، وهكذا يَظهرُ لنا الإسلام كعملٍ باهرٍ ومتوافقٍ سياسيًّا واجتماعيًّا، وظاهرةً تاريخيةً جديرةً بالتأمل والاعتبار.
وفي كلمةٍ موجزة، فإنَّ الإسلامَ حضارةٌ أَعطت مفهومًا خاصًّا للفرد، وحدَّدت بدقةٍ مكانَه في المجتمع، وقَدَّمت عددًا من الحقائقِ الأوليةِ التي تحكمُ العلاقاتِ بين الشعوب، كما أن هذه الحضارةَ لم تُقدِّمْ فقط مساهمتَها التاريخيةَ الخاصةَ في الثقافةِ العالمية، ولكنها كانت تؤكِّدُ أيضًا -ولها مبرراتهُا - على تقديمِ حلولٍ للمشاكلِ الرئيسةِ للأفرادِ والمجتمعاتِ، والمشاكلِ الدوليةِ
(١) الترجمة الحرفية لاسم الكتاب هي "إنسانية الإسلام" وأولى منها أن يقال: "الجوانب الإنسانية في الإسلام".