والمعهوده لديه .. قال أبو بكر بن المنذر: أجمَعَ عوامُّ أهل العلم) هو جَمعُ "عامةٍ"، بمعنى جماعةٍ كثيرة، والمتقدمون -كالشافعي- يُعَبَّرون بهذه العبارةِ للعموم، ولِيس المرادُ العاميَّ، فإنه غيرُ صحيح، إذْ لا عِبرةَ بهم وبإجماعهم؛ لأن العاميَّ لا يكونُ أهلَ علمٍ، (على أنَّ مَن سَبَّ النبيَّ) - صلى الله عليه وسلم - (يُقتل) مطلقًا، (وممن قال بذلك)، أي: حَكَم بقتله مطلقًا: (مالكُ بنُ أنسٍ، والليثُ بنُ سَعد، وأحمدُ، وإسحاقٌ، وهو مذهبُ الشافعي). قال القاضي عياض:(وهو مقتضى قولِ أبي بكرٍ الصِّدِّيق، ولا تُقبَل توبتُه عند هؤلاء) القائلين بوجوبِ قتلِه مطلقًا، صَوْنًا لمقامِ النُّبُوَّة، كما قال المتنبِّي:
لا يَسْلَمُ الشَّرَفُ الرفيعُ من الأذى … حتى يُراقَ على جوانِبِه الدمُ
° وقال الإِمام محمد بن سَحنون:"أجمع العلماءُ على أنَّ شاتم النبي - صلى الله عليه وسلم - المتنقِّصَ له كافرٌ، والوعيدَ جارٍ عليه بعذابِ الله له:{لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[التربة: ٦١]، وحُكمه عند الأُمَّةِ القتلُ، ومَن شَكَّ في كُفره وعذابِه كَفَر" .. لأن الرضى بالكُفْر كُفر.
واحتجَّ إبراهيمُ بنُ حُسينِ بنِ خالدٍ الفقيهُ في مِثلِ هذا بقَتلِ خالدِ بنِ الوليد -رضي الله عنه- مالكَ بن نُويرةَ لقوله عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، "صاحبكم" يعني به النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، وفيه تنقيصٌ له بتعبيرهِ عنه بـ "صاحبكم" دونَ "رسولِ الله" ونحوه، وإضافتُه لهم دونه المُشعِرُ ذلك بالتبرِّي من صُحبته - صلى الله عليه وسلم -، واتِّباعِه واستنكافه، وهو في غايةِ الظهور، ومالكُ بنُ نُويرة هذا كان له وِفادةٌ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان شجاعًا شاعرًا سيِّدًا مطاعًا في قومه "بني تميم"، فولاَّه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عليهم وعلى أُخذِ زكاتِهم، فمَنعوها بعدَه - صلى الله عليه وسلم -، فأَرسل