للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال ابن أبي سليمان للذي سأله: "اشهَدْ عليه وأنا شريكُك" يَريدُ في قتله وثوابِ ذلك.

° قال يحيى بنُ حبيب بن الربيع -مُوَجِّهًا لقول ابنِ أبي سليمان وفتواه بقتله-: "لأنَّ ادعاءَه التأويلَ في لفظٍ صُراحٍ لا يُقبل؛ لأنَّه امتهان -أي: فيه تحقيرٌ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحَسَبِ صريحه ومدلولِه المعروف، وهو -أي: قائلُه- غيرُ مُعزِّرٍ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي: مُعَظِّم- ولا مُوَقِّر له، فوجب إباحةُ دمِه".

° وأفتى أبو عبد الله بن عَتَّاب -من فقهاء المالكية- في عَشَّار -وهو مَن يأخذُ العُشرَ، وهو المَكَّاس-، قال لرجلٍ طَلَب منه المَكْس، فامتنع، وقال له: "إنه ظُلمٌ لا يَرضى به رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - "، فقال له المَكَّاس: "أَدِّ، واشكُ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - منِّي ومن ظُلِمي لك"، -ومِثلُه تحقيرٌ للنبي - صلى الله عليه وسلم - والشريعة، كأنه يقول: "لا قُدرةَ له على دَفْعِه لو كان حيًّا موجودًا الآن"، فلذا أُفتي فيه بوجوبِ القتل.

° قال ابنُ حَجر: "ومذهبنا قاضٍ بذلك أيضًا، بل الذي يَظهرُ أنَّ مُجرَّدَ قوله: "أد واشْكُ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - "- بقصدِ عدمِ المبالاة- كفرٌ أيضاً".

° وأفتى فقهاءُ الأندلس بقتل ابن حاتمٍ المتفقِّه الطُّلَيطِلِيِّ وصَلْبِه بما شُهِد عليه به من استخفافِه بحقِّ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وتسميتِه إيَّاه أثناءَ مناظرته "باليتيم" (١)،


= والرسل عليهم الصلاة والسلام، ولا يخطر غيره ببال أحد، فلذا لم يقبل تأويله. قال ابن حجر: ومذهبنا لا يأبى ذلك.
(١) كما كان يقوله الكفرة استخفافًا به وإزراءً، ومثل هذا إذا سبق مُشْعِرًا بتحقير ٍكان كُفرًا، فإن لم يشعر به جاز كما في قول البوصيري في البردة:
كفاك بالعلم في الأمِّيِّ معجزةً … في الجاهلية والتأديب في اليُتمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>