للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليهم رجلٌ قبيحُ الوجهِ واللحية فقال لهم: تريدون تعرفون صفتَه - صلى الله عليه وسلم -؟، قالوا له: نعم، فقال: هي في صفة هذا المَارِّ في خَلْقه ولحيته. قال: ولا تُقبل توبته" .. وذلك لكُفرِه وعِظَم جُرْمِه.

° قال ابنُ حجر: "ومذهبُنا قاضٍ بذلك، وقد كَذَب هذا الرجلُ في مقالته هذه -لعنه الله وأخزاه وقبَّح وجَههَ-، وليس يخرجُ ما قاله هذا الملعونُ مِن قلبٍ سليم الإيمان، بل عديمِ العقل والإيمان".

° وقال أحمدُ بن أبي سليمان صاحب سحنون -وهو من كبار علماء المالكية-: "مَن قال: "إن النبي - صلى الله عليه وسلم - أَسْوَدُ" يُقتَل"؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان من الحُسنِ وبَياضِ الوجهِ بصفةٍ لا تخفى".

فهذا القائلُ قد كَذَب وافترى، ووَصْفه - صلى الله عليه وسلم - بما ليس فيه إشعارٌ بالتحقير -لعنه الله وسوَّد وجهَه يومَ تبيضُّ وجوهٌ وتَسودُّ وجوه-، وهذا مما صرَّح به الفقهاءُ، وعلَّلوه بأنه قَصَد الكذبَ استخفافًا، فهو كما لو قال: "لم يكن - صلى الله عليه وسلم - قرشيًّا".

° وقال ابنُ أبي سليمان أيضًا في رجلٍ قِيل له: "لا، وحقِّ رسول الله"، فقال الرجل المخاطَب: "فَعَل اللهُ برسولِ الله كذا وكذا" -وذَكَر كلامًا قبيحًا-، فقيل له: "ما تقولُ يا عدوَّ الله؟! "؛ فقال له أشدَّ من كلامه الأول، ثم قال -يُوجِّه كلامَه القبيحَ ويُأولِّه-: "إنما أردتُ برسول الله (١): الصَّعق (٢) ..


(١) الذي وصفته بصفات أنكرتموها.
(٢) لأن الله هو الذي أرسلها وساقها كما في قوله: {وَيرْسِلُ الصَّوَاعِقَ} [الرعد: ١٣]، وهذا حقيقة معنى الإرسال، وهذا مما لا شك في معناه، وإنكاره مُكابرة، لكنه لا يُقبل من قائله، وادعاؤه أنه مراده؛ لأن "رسول الله" صار في كلامهم لا يراد به إلا الأنبياء =

<<  <  ج: ص:  >  >>