للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مرجعَ قريشٍ في أمورهم؛ لأنه كان أسن من أبي جَميل وأبي سفيان، فلما اشتُهر بلقب " الوحيد"، كان هذا الكلام إيماءً إلى الوليد بن المغيرة المشتهر به، وجاء هذا الوصفُ بعد فعل: "خَلقتُ"، ليُصرف هذا الوصفُ عما كان مراداً به؛ أي أوجدتُه وحيدًا عن المال والبنين والبَسْطة، فيُغيَّر عن غرض المدح والثناء الذي كانوا يخصُّونه به إلى غرضِ الافتقار إلى الله؛ الذي هو حالُ كل مخلوق.

° عن ابن عباس: "كان مالُ الوليد بين مكةَ والطائفِ من الإبل، والغنم، والعبيد، والجواري، والجِنان، وكانت غَلَّةُ مالِهِ ألفَ دينارٍ في السَّنة".

{وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيدًا}؛ تيسيرَ أموره، ونفاذَ كلمته في قومه؛ بحيث لا يَعسر عليه مَطْلَبٌ، ولا يستعصي عليه أمرٌ".

° ثم قال الشيخ الطاهر بن عاشور: "الصَّعود: العقبةُ الشديدةُ التصعُّد الشاقةُ على الماشي؛ وهي " فَعول"، مبالغةً من "صَعِد"، فإن العقبة صَعْدة، فإذا كانت عقبةٌ أشدُّ تصعُّدًا من العقبات المعتادة قيل لها: صَعُود.

وقوله: {سَاُرْهِقُهُ صَغودًا}، تمثيلٌ لضدِّ الحالة المُجمَّلةِ في قوله: {وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيدًا}، أي: سينقلبُ حالُه من حال راحةٍ وتنعُّم إلى حالةٍ سُوأى في الدنيا، ثم إلى العذاب الأليم في الآخرة، وكلُّ ذلك إرهاقٌ له" (١).

° قال البِقاعي في "نظم الدرر": "أكملتُ له من سعادة الدنيا ما أوجب التفردَ في زمانه من أهل بيته وفخِذه؛ بحيث كان يسمَّى: "الوحيد،


(١) "التحرير والتنوير" (٢٩/ ٣٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>