وريحانة قريش"، فلم يَرْعَ هذه النعمة العظيمة، {ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ كلاَّ}، لم يُزَدْ بعد ذلك شيئًا؛ بل لم يزل في نقصان حتى هلك، {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صدْقًا وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ}[الأنعام: ١١٥]، ليرتدع عن هذا الطمع، وليزدجرَ وليرتجع، فإنه حُمقٌ محض، وزخرفٌ بحت، وغُرور صِرف.
{إِنَّه كَانَ لآيَاتِنَا عَنِيدًا}، أي: بالغَ العنادِ على وجهٍ لا يُعَدُّ عنادُه لغيرها؛ بسب مزيد قبحِه عنادًا.
والعناد، كما قال المَلَوي: مِن كِبْرٍ في النفس، أو يُبْسٍ في الطبع، أو شراسةٍ في الخُلق، أو خَبَلٍ في العقل، وقد جُمع ذلك كلُّه لإبليس.
لما كان العناد غِلظةً في الطبع، أو شكاسةً في الخُلق، يُوجِبُ النكدَ والمشقَّةَ، جُعل جزاؤه من جِنسه، فقال:{سَأرْهِقة صَعُودًا}، أي: أُلحِقُه بعُنفٍ وغِلظةٍ وقهو، إلحاقًا يَغشاه ويُحيطُ به، وعيدًا لا خُلْفَ فيه.
{صَعُودًا}، أي: شيئًا من الدواهي والأنكار؛ كأنه عَقَبة.
{إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (١٨) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ} إلى قوله تعالى: {نْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ}، حادَ عن وجه الأفكار إلى أقفائِها، سكت ألفًا، ونطق خلفًا، فكان شبيهاً من بعض الوجوه بما قاله بعضهم: