لأبي بكر أن يقتلَ رجلاً إلاَّ بإحدى ثلاثٍ -وفي رواية: بإحدى الثلاث التي قالها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كفرٌ بعد إيمان، وزِنًى بعد إحصان، وقتلُ نفسٍ بغير نفس، والنبي- صلى الله عليه وسلم - كان له أن يَقتل".
وقد استَدلَّ به على جواز قتلِ سابِّ النبي - صلى الله عليه وسلم - جماعاتٌ من العلماء، منهم أبو داود، وإسماعيل بن إسحاق القاضي، وأبو بكر عبد العزيز، والقاضي أبو يَعْلى وغيرُهم من العلماء، وذلك لأن أبا برزةَ لَمَّا رأى الرجل قد شَتَم أبا بكر وأغلَظَ له حتى تغيَّظَ أبو بكر، استأذنه في أن يقتلَه لذلك، وأخبره أنه لو أمره لَقَتَلَه، فقال أبو بكر: "ليس هذا لأحدٍ بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - ".
فعُلمِ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان له أن يقتلَ مَن سَبَّه ومَن أغلَظَ له، وأن له أن يأمرَ بقتلِ مَنْ لا يَعلمُ الناسُ منه سببًا يُبيحُ دمَه، وعلى الناس أن يُطيعوه في ذلك؛ لأنَّه لا يأمرُ إلاَّ بما أَمَر اللهُ به، ولا يأمرُ بمعصيةِ الله قط، بل مَن أطاعه فقد أطاع الله.
° فقد تضمن الحديثُ خَصِيصَتَيْنِ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
إحداهما: أنه يُطاعُ في كلِّ مَن أَمر بقتله.
والثانية: أنَّ له أَن يَقْتُل مَن شَتَمه وأغلظ له.
وهذا المعنى الثاني الذي كان له باقٍ في حقِّه بعد موته؛ فكلُّ من شَتَمه، أو أغلَظَ في حقِّه، كان قَتْلُه جائزًا، بل ذلك بعد موته أَوْكَدُ وَأَوْكَد؛ لأنَّ حُرْمَتَه بعد موته أكملُ، والتساهلَ في عِرْضِه بعد موته غير ممكن.
وهذا الحديث يُفيدُ أن سبَّه في الجُملةِ يُبيحُ القتل، ويُستدلُّ بعمومه على قتل الكافر والمسلم.