للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد هجاك، فنَدَر (١) رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - دَمَه، فبلغ ذلك أنسَ بنَ زُنَيْم، فقَدِم معتذرًا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مما بَلَغه عنه، فقال:

أنْتَ الَّذِي تُهْدَى مَعَدٌّ بِأمْرِهِ … بَلِ الله يَهْدِيْها، وَقَالَ لَكَ اشْهَدِ

فَما حَمَلَتْ مِنْ نَاقَةٍ فَوْقَ رَحْلِهَا … أبَرَّ وَأوْفَى ذِمَّةً مِنْ مُحَمَّدِ

تَعَلَّمْ رَسُوْلَ اللهِ أَنَّكَ مُدْرِكِي … وَأنَّ وَعِيْدًا مِنْكَ كَالأخْذِ بِاليَدِ

° وفيها:

تَعَلَّمْ رَسُوْلَ اللهِ أنَّكَ قَادِرٌ … عَلىَ كُلِّ سَكْنٍ (٢) مِنْ تِهَامٍ وَمُنْجِدِ

وَنُبِّي رَسُوْلُ الله أَنِّي هَجَوْتُهُ … فَلَا رَفَعَت سَوْطِي إليَّ إذًا يَدِي

سِوَى أنَّني قَدْ قُلتُ يَا وَيْحَ فِتْيةٍ … أُصيْبُوا بَنَحْسٍ يَوْمَ طَلْقٍ (٣) وَأسْعُدِ

° ويقول فيها:

فإنِّي لَا عِرْضًا خَرَقْتُ وَلَا دَمًا … هَرَقْتُ فَفَكِّر عَالِمَ الحَقِّ وَاقْصِدِ

° قال الواقدي (٤):"أنشدنيها حِزام، وبلغت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -قصيدتُه هذه واعتذاره، وكلَّمه نَوْفَلُ بنُ معاوية الدِّيلي (٥)، فقال: يا رسول الله، أنت أولى الناس بالعفو، ومَن منَّا لم يُعادِك وُيؤْذِك؟ ونحن في جاهليةٍ لا


(١) ندر، أي: أهدر.
(٢) السَّكن: أهل الدار، اسم الجمع سَاكِن. ينظر: "الصحاح" (٥/ ٢١٣٦)، "لسان العرب" (٤/ ٢٠٥٣) (سكن).
(٣) الطلق: اليوم المشرق، يقال: يوم طلق إذا لم يكن فيه حَرٌّ ولا بَرْد ولا شيء يؤذي. ينظر: "لسان العرب" (٥/ ٢٦٩٤) (طلق).
(٤) "المغازي" (٢/ ٧٨٠).
(٥) من مسلمة الفتح - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>