للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ندري ما نأخذُ وما نَدَعُ حتى هدانا الله بك، وأنقذنا بك من الهُلْك، وقد كَذَب عليه الركب، وكَثُروا عندك، فقال: دَعِ الركب عنك؛ فإنا لم نجد بتهامةَ أحدًا من ذي رحمٍ ولا بعيدِ الرحم كان أبرَّ من خُزاعة، فأسكت نوفلُ ابنُ معاوية، فلما سكت قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قَدْ عَفَوْتُ عَنْه"، قال نوفل: فِدَاك أبي وأمي".

° وقال ابنُ إسحاق: وقال أنسُ بنُ زُنَيم يَعتذرُ إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - مما كان قد قال فيهم عمروُ بنُ سالم حين قَدِم على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - يستنصرُه، ويذكر أنهم قد نالوا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأنشد تلك القصيدة، وفيها:

وتَعلم أنَّ الركبَ رَكْبَ عُوَيْمِرٍ … هُمُ الكَاذِبُونَ المُخْلِفُو كُلَّ مَوْعِدِ (١)

فوجه الدلالة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، كان قد صالَح قريشًا وهادنهم عام الحديبية عَشْرَ سنين، ودخلت خزاعةُ في عَقْده، وكان أكثرُهم مسلمين وكانوا عَيْبَةَ (٢) نُصحٍ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسلمهم وكافرهم، ودخلت بنو بكر في عهدِ قريش؛ فصار هؤلاء كلُّهم معاهِدين، وهذا مما تواتر به النقلُ ولم يختلف فيه أهل العلم.

ثم إن هذا الرجلَ المعاهَد هجا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - على ما قيل عنه، فشَجَّه بعضُ خزاعة، ثم أخبروا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أنه هجاه يَقصِدون بذلك إغراءَه ببني بكر،


(١) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٤٢٤).
(٢) العَيبَة: الخاصة وموضع السِّر. والعرب تكني عن الصدور والقلوب بالعِياب، لأنها مستودع السرائر كما أن العِيبَ مستودع الثياب. انظر "الصحاح" (٣/ ٣٢٧) (عيب).

<<  <  ج: ص:  >  >>