للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي سرح، ومِقْيَسِ بنِ صُبابة، والحويرثِ بن نُقيد، وابنِ خطل (١).

قال: وأما الحويرثُ بنُ نُقيد، فإنَّه كان يؤذي النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فأهدَرَ دمَه، فبينا هو في منزلهِ يومَ الفتح قد أُغلق بابه عليه، وأقبل عليٌّ يسأله عنه، فقيل: هو في البادية، فأُخبر الحويرثُ أنه يُطْلَب، وتنحَّى عَلِيٌّ عن بابه، فخرج الحويرثُ يريدُ أن يهربَ من بيتٍ إلى بيتٍ آخر، فتلقاه عليٌّ فضَرَب عنقه (٢).

ومثلُ هذا مما يُشتَهَرُ عند هؤلاء مثل الزهري وابنِ عقبةَ وابنِ إسحاق والواقديِّ والأُموي وغيرهم، أكثرُ ما فيه أنه مرسل، والمرسَلُ إذا رُوِيَ من جهاتٍ مختلفةٍ -لا سيما ممن له عنايةٌ بهذا الأمر وتتبُّعٌ له- كان كالمسند، بل بعضُ ما يُشتهر عند أهل المغازي ويَستفيضُ أقوى مما يُروى بالإِسناد الواحد، ولا يُوهِّنه أنه لم يذُكَرْ في الحديثِ المأثور عن سعدٍ وعَمرِو بن شُعيب، عن أبيه، عن جَدِّه، لأن المثْبِت مُقدَّم على النافي، ومَنْ أخبر أنه أَمَر بقَتله، فمعه زيادةُ علم، ولعلَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لم يأمُرْ بقَتلِه، ثم أَمَر بقتله، وذلك أنه يمكنُ أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهى أصحابَه ألَّا يُقاتِلوا إلاَّ مَن قاتَلهم إلاَّ النفر الأربعة، ثم أَمَرهم أن يَقتلوا هذا وغيره.

ومجردُ نهيه عن القتال لا يوجبُ عِصمةَ المكفوفِ عنهم، لكنه بعد ذلك آمَنَهم الأمانَ العاصمَ للدم، وهذا الرجلُ قد أَمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقتله لمجرَّدِ أذاه له، مع أنه قد آمَنَ أهْلَ البلدِ الذين قاتلوه وأصحابَه وفعلوا بهم الأفاعيل.


(١) ينظر: كتاب "المغازي للواقدي" (٢/ ٨٢٥).
(٢) "المغازي" (٢/ ٨٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>