للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومِن ذلك أنه - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا قَفَلَ من بدرٍ راجعًا إلى المدينة قَتَل النَّضْرَ بنَ الحارث وعُقْبَةَ بنَ أبي مُعْيطٍ، ولم يَقتل من أُسَارَى بدر غيرهما، وقصتهما معروفة.

° قال ابنُ إسحاق: "وكان في الأَسرى عُقْبَةُ بن أبي مُعْيطٍ والنَّضْرُ بنُ الحارث، فلما كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بالصَّفْراء (١) قَتَلَ النَّضْرَ بنَ الحارث، قَتَله عليُّ بنُ أبي طالب كما خُبِّرْتُ، ثم مَضى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فلمَّا كان بِعرْقِ الظَّبْيَة (٢) قُتل عقبةُ بنُ أبي مُعيط، قَتَله عاصمُ بن ثابت (٣).

فالسببُ الذي أوجَبَ قَتْلَ هذيْن الرَّجُلَيْن من بين سائرِ الأَسرى: أذاهم للهِ ولرسولهِ بالقول والفعل؛ فإنَّ الآياتِ التي نزلت في النَضْر معروفة (٤).


(١) الصَّفراء: وادٍ كثير النخل بينه وبين بدر مرحلة.
(٢) عَرق الظبية: هو من الرَّوْحاء على ميلين مما يلي المدينة.
(٣) "السيرة النبوية" لابن هشام (١/ ٦٤٤)، و"المغازي" (١/ ١١٤، ١٣٨، ١٤٩).
(٤) فقد روى ابن جرير الطبري في "تفسيره" (١٨/ ١٨٢) عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: "أنزل الله تبارك وتعالى في النضر ثماني آيات من القرآن، قوله: {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} [القلم: ١٥]، وكل ما ذكر في الأساطير من القرآن" اهـ. ومن تلك الآيات التي نزلت في النضر بن الحارث، قول الله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} [الأنعام: ٢٥]. ينظر: "أسباب النزول" للواحدي (١٧٥). ومنها قوله تعالى: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} [الأنفال: ٣١] .. ينظر "الباب النزول" للسيوطي (ص ١١٠) و"تفسير ابن جرير" (٩/ ٢٣١) .. ومنها: قوله تعالى: {وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [الأنفال: ٣٢]. قال الواحدي (ص ١٩٢): "نزلت في النضر بن الحارث". ينظر: "تفسير ابن جرير" =

<<  <  ج: ص:  >  >>