للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

° قال الواقديُّ: كان النضرُ بنُ الحارث أَسَرَهُ المِقْدَادُ بن الأسود، فلمَّا خرج رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - من بدرٍ فكان بالأُثَيِّل (١) عُرِض عليه الأسْرَى، فنظر إلى النضرِ بنِ الحارث فأبدَّه البصرَ (٢)، فقال لرجلٍ إلى جنبه: محمدٌ واللهِ قاتِلي، لقد نظر إليَّ بعينين فيهما الموت، فقال الذي إلى جنبه: "واللهِ ما هذا منك إلاَّ رعب"، فقال النضرُ لمصعبِ بنِ عمير: يا مصعبُ، أنت أقرب مَنْ ها هنا بي رحمًا، كلمْ صاحبَك أن يجعلَني كرجلٍ من أصحابي، هو واللهِ قاتلي إن لم تفعلْ، قال مصعب: إنَّك كنتَ تقولُ في كتاب الله كذا وكذا، وتقول في نبيَّه كذا وكذا، قال: يا مُصعبُ، يجعلُني كأحدِ أصحابي، إن قُتلوا قُتلت، وإن مَنَّ عليهم مَنَّ عليَّ، قال مصعبٌ: إنك كنت تُعذِّب أصحابَه -وذكر الحديث-، إلى أن قال: فقتله عَلِيُّ بن أبي طالب صبرًا بالسيف (٣).

° وقد أهدَرَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - دَمَ كعبِ بنِ زُهير بن أبي سُلْمى لهجائه إيَّاه، ثم قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تائبًا وأنشده قصيدتَه المشهورة "بانت سعاد" وفيها:

أنبِئْتُ أنَّ رَسُولَ الله أوْعدَنِي … وَالعَفْوُ عِنْدَ رَسُولِ الله مَأمُولُ

مَهْلاً هَدَاكَ الَّذِي أَعْطَاَكَ نَافِلَةَ الْ … قرآنِ فِيه مَوَاعيظٌ وتَفْصِيْلُ

لَا تَأْخُذَنِّي بِأقْوَالِ الوُشَاةِ وَلَمْ … أُذْنِبْ، وَلَو كَثُرَتْ فِيَّ الأقَاوِيلُ


= (٩/ ٢٣٢). ومنها قوله تعالى: {وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} [الفرقان: ٥]. ينظر: "تفسير ابن جرير" (١٨/ ١٨٢).
(١) الأثيل: موضع قرب المدينة بين بدر والصفراء. انظر "معجم البلدان" (١/ ٩٣).
(٢) أبده البصر أي: أعطاه بدته من النظر، أي: حظَّه. "النهاية" (١/ ١٠٥) (بد).
(٣) "المغازي" للواقدي (١/ ١٠٦، ١٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>