للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من أول يومٍ ينفردُ هذا الكافرُ بالكيدِ للرسول - صلى الله عليه وسلم - وتتبُّع خَطْوِه، والردِّ على مقالته، فأفرد اللهُ ذِكرَه، وشَهَره بكنيته دون بقيةِ صناديد الكفر من قريش.

ولما قال للرسول - صلى الله عليه وسلم -: "تبًّا لك"، وقام ينفض يديه، فتنزل السورة تردُّ على هذه الحربِ المعلَنةِ من أبي لهب وامرأته، وتَولَّى اللهُ سبحانه عن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - أمرَ المعركة.

قال: "تبًّا لك"، فكان الجزاء: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبّ}، دعاء بدعاء، ولفظٌ بلفظ.

نَفَض يديه، فجاء ذِكرُ اليدين: {تَبَّتْ يَدَا}، واحدةً بواحدة، يداك أَوْكَتَا، وفُوك نَفَخ -أبا لهب-.

سائرَ اليوم، سائرَ الدهر، وأنت بعدُ في دار الدنيا {وَتَبّ}.

° " ولم يُقيِّضِ اللهُ له ولا لامرأته أن يُؤمِنا، ولا لواحدٍ منهما، لا ظاهرًا ولا باطنًا، ولا سرًّا ولا مُعلَنًا؛ فكان هذا مِن أقوى الأدلةِ الباهرةِ على النبوَّة الظاهرة" (١).

{تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبّ}، تبابٌ وهلاكٌ وبَوارٌ وقَطع، في آيةٍ


= (٣/ ٣٣٧)، والنسائي في "التفسير" كما في عمدة القارئ (١٦/ ٩٣)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (١/ ٤٣١). وهذا الحديث مرسل؛ لأن ابن عباس كان حينئذ إمّا لم يولد أو كان طِفلاً، وبه جزم الإسماعيلي. انظر "عمدة القارئ" (١٩/ ١٠٢) ثم قال: أقول هو مرسل صحابي، ومرسل الصحابي لا ضير عليه ولا مطعن فيه. انظر "الصحيح المسند من أسباب النزول"، للوادعي" (ص ١٧٧).
(١) "تفسير ابن كثير" (٨/ ٥٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>